في دولة من دول الخليج العربية وفي فترة غير بعيدة كان يوجد دوار مروري يسمى دوّار مجنون بسبب أن مساراته المرورية لم تكن دائرية أو نصف دائرية إنما كانت تتشكل من التواءات وتعرجات ثم نصف دوار ومربعات ومستطيلات وكان كثير من السواق تصيبهم حالة من التوهان للخروج منه إلى المسار الصحيح لذلك أطلق الناس عليه أسم دوّار مجنون إلى أن أزالته الدولة بالكامل ووضعت بدلا منه تقاطعات وإنسيابات جانبية مع إشارات مرورية منظمة لحركة المرور حافظت على رشد وسلامة السواق عند اجتيازهم تلك النقطة.
في مملكة البحرين ومع احترامي الشديد لكل الاجتهادات المبذولة في قسم التخطيط وتصاميم الطرقات إلا أنها تبقى في بعض الأحيان اجتهادات غير واضحة وقريبة من ثقافة دوار مجنون عند بعض الإشارات المرورية التي تصيب الناس بالغثيان والعصبية المؤقتة والحوادث المركّّبة من جراء طبيعة نظام الإشارات المرورية الضوئية عند التقاطعات التي تسمح لقسم من خطوط السير في الاتجاه الواحد بالمرور وحجبها عن القسم الأخر ما يسبب دربكة واختناقات مرورية للآخرين وعلاوة على ذلك برعت إدارة الطرق في سد كل المنافذ و المخارج التي من شأنها أن تخفف من الضغوط المرورية على الطريق أو عند الإشارة ما يتسبب في خلق حالة من الازدحام غير المبرر كما هو حاصل عند تقاطع خريطة البحرين قرب السفارة الأميركية وكذلك عند الإشارة الضوئية بين مسجد الفاتح وفندق الخليج وغيرها بمحافظة المحرق والمنامة والرفاع... الخ وهي حالات تسهم في التأثير على صحة الإنسان وتسبب له الأزمات القلبية حيث أظهرت الدراسات التي تنشرها الجرائد والمجلات والمحطات الإذاعية والتلفزيونية أن الذين يتعرضون للاختناقات المرورية لفترات طويلة يكونون أكثر عرضه للأزمات القلبية بمعدل كبير يصل إلى 12 في المئة وخصوصا لمن تعدى سن الستين عاما من العمر.
إدارة الطرق ليست هي وحدها التي تسبب الأزمات القلبية بل أن كثيرا من الدوائر الحكومية أصبحت شبه متخصصة في هذا المضمار مثل جهاز السجل السكاني الذي لا يعير للوقت أي أهمية ولا بأس لديهم في أن ينتظر المخلص ساعة أو ساعتين أو يوما كاملا ثم يأتي في اليوم الأخر ليجرب حظه في إنهاء المعاملة. وكذلك وزارة العمل، فعلاوة على صعوبة الحصول على عمالة أجنبية ها هي الآن تقترح بأن العامل لن يسمح له بالبقاء في عمله الذي تدرب عليه لمدة تزيد على ست سنوات وعليه حمل الخبرة التي اكتسبها إلى إحدى دول الجوار وعلى الشركات البحرينية جلب أيدي جديدة خام لتدريبها و تكرار التدريب. ألا يثير هذا الفعل الأعصاب؟ مثلما تثيره التأمينات الاجتماعية في رفض استلام الرسوم التأمينية والمبالغ المدفوعة في حال و لأي ظرف من الظروف تأخرت المنشأة في دفع الفواتير التأمينية لمدة يوم أو يومين. فمهما كان السبب فعلى المنشأة استخراج فواتير جديدة مضافا إليها غرامات التأخير ولو كانت جزءا من الدينار أو دينار أو أكثر وعلى المخلص أن يدرك الوقت لدفع الفاتورة الجديدة في اليوم نفسه وإلا فعلية الرجوع مرة أخرى لاستخراج فواتير جديدة مرة أخرى ودفع الغرامات من جديد في اليوم التالي. وهكذا وعلى أعصابك السلام. أما وزارة الكهرباء وشركة بتلكو اللتين تميزتا بالانقطاع المتكرر والفواتير الاستثنائية العالية جدا فقد أصبحتا تشكلان هما مزمنا يسهم في تدمير صحة الإنسان و الانهيار العصبي من شدة وطأة ضغوطهما على المواطن.
«نسألك اللهم اللطف بنا»
إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"العدد 1856 - الجمعة 05 أكتوبر 2007م الموافق 23 رمضان 1428هـ