يمكن القول إن التلكؤ الملحوظ في إشهار «موسوعة تاريخ البحرين» التي أثير الجدل بشأنها أخيرا يجدّد المخاوف من محاولة التعتيم الإعلامي على مفاصل مهمة مرّت بها المملكة. فالتدوين التاريخي في الغرف المغلقة عملية مريبة بحد ذاتها، كما أعطى البيان «الرسمي» الأخير دلالة على أن هناك «تنازع أدوار» في الخفاء بين الحكومة وبعض الفعاليات الشعبية، وهذا ما زاد من الشكوك في نزاهة أية موسوعة «مُبهمة» يُلوَّح بها بين حين وآخر.
لم نطّلع بعد على تفاصيل أيّ من الموسوعتين، لكن من السذاجة بمكان أن يفكر البعض - ونحن على أعتاب القرن الواحد والعشرين - أن باستطاعته تغييب حقائق تاريخية لشعب متحضر، سجلتها الفضائيات العالمية وشاشات الإنترنت.
إن القاسم المشترك بين مختلف الدراسات «المُنصفة» التي تناولت علم التاريخ هو تناول النشاط الإنساني الذي تقوم به مجموعة من الناس في مكان وزمان معيّنين بصورة حيادية بعيدا عن الانتماءات والمصالح. وهذا الفهم عندما نضعه في إطار بحث واقعي سيكشف لنا القيمة المعرفية التي نجنيها من تدوين تاريخنا بجميع مفاصله، لنقدمه إلى أجيالنا المقبلة على لساننا «نحن». فالأفضل أن نلجأ إلى اعتماد الجوانب التوافقية بين الحاكم والمحكوم في عملية التدوين لإكمال هذه المهمة الصعبة، مع الإصرار على عناصر الدقة والصدقية و»بحرنة» التدوين، فذلك أفضل من أن يأخذ أبناء البحرين تاريخهم غدا من على صفحات الإنترنت رضينا أم أبينا.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الميرزا"العدد 1852 - الإثنين 01 أكتوبر 2007م الموافق 19 رمضان 1428هـ