عندما يتم الحديث عن الإعلام في مختلف المجالات، لا بد أن يتم التطرق إلى نظرياته المختلفة التي نشأت في مناطق مختلفة وفق مناهج وتصورات وأيدلوجيات الحكم في تلك البقاع، فالإعلام كونه جزءا مهما وفعالا في ترسيخ مبادئ الحكم في أي زمان أو مكان.
هناك نظريات إعلامية كثيرة، ومن بين أهم هذه النظريات هي النظرية الليبرالية التي يسير وفقها الإعلام الغربي الذي لا تحكمه أي قيود، والنظرية الاشتراكية (النظرية الأحادية) التي يكون فيها الإعلام خاضعا لسلطة الحكم الأحادي فقط ليروج لأفكاره وممارساته من أجل تحقيق أهدافه المستقبلية.هاتان النظريتان بالطبع لا تتناسبان مع وضعنا الحالي كصحافة بحرينية متحررة من قيود النظرية الاشتراكية التي عشنا تحت ظلها سنوات قانون أمن الدولة طوال عقود من الزمن، وقد يسألنا البعض لماذا لا تتناسب هذه النظريتان مع مجتمعنا البحريني أو الخليجي أو حتى العربي، فالنظرية الاشتراكية للإعلام عشناها سنوات وعقود وجلبت علينا ويلات وألام السيطرة الأحادية التي ما زال يعيشها إعلامنا المرئي والمسموع حتى الآن.
الفارق بين النظريتين الليبرالية والاشتراكية كبير جدا وأن الانتقال من الاشتراكية أو الأحادية إلى الليبرالية أمر خطير جدا بالنسبة لمجتمعاتنا ذات الثقل الديني والعقائدي، والتي تحكمها أيضا العادات والتقاليد.
من أهم مساوئ الإعلام الليبرالي والذي يمكن أن يتلمسه الشارع العربي والبحريني خصوصا قضية الإساءة للنبي محمد (ص)، إذ إن الإعلام الغربي تمسك بالحرية الكاملة المتروكة له في انتقاد وتناول أية قضية أو شخصية بالطريقة التي يعتقد فيها عملا بمبدأ حرية الرأي المكفولة للجميع، وقس على ذلك من الطرح الإباحي وغير الأخلاقي وغيرها من القضايا، التي لا تراعى فيها التأثيرات الاجتماعية وأهمها البحث عن الإثارة.
إذا كانت النظرية الاشتراكية غير مناسبة لمجتمعاتنا وكذلك النظرية الليبرالية فأية نظرية هي المناسبة للإعلام البحريني والعربي بشكل عام، بالطبع هي النظرية الثالثة الحديثة والتي جاءت بعد سنوات من اضطهاد الإعلام الاشتراكي وتلاها انفتاح كلي للإعلام الغربي الليبرالي، ليخلق بعد ذلك مزيجا من النظريتين وتتكون نظرية المسئولية الاجتماعية التي أخذت بالحرية الإعلامية الليبرالية وضوابط واشتراطات النظرية الاشتراكية عملا بمبدأ أن كل شخص أو جهة مسئولة أمام المجتمع عليها أن تحترم قيمه وضوابطه وعاداته وتقاليده.
صحيفة «الوسط» جاءت بهذا المزيج وقد تكون تعلم به كنظرية حديثة أم لا، إلا أنها عملت على خلق التوازن في الصحافة البحرينية ورسخت لعمل جديد مهني يقوم على احترام الجميع ينقل قضايا الحكومة والمعارضة والشعب من دون تحيز، إيمانا من القائمين عليها بأنهم جاءوا لخدمة المجتمع بمختلف توجهاتهم وأعراقهم وطوائفهم، جاءوا لمناقشة قضاياهم بما لا يمس بمعتقداتهم وعقائدهم وعاداتهم.
إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"العدد 1851 - الأحد 30 سبتمبر 2007م الموافق 18 رمضان 1428هـ