زيادة الرواتب، هي حق للمواطنين جميعا، وجاءت لمواجهة غلاء المعيشة، ونتيجة طبيعية لارتفاع اسعار النفط في جميع أنحاء العالم، وبما أن النفط يشكل أكثر من 60 % من الدخل القومي للبحرين؛ فإن البحرينيين يجب أن يلمسوا أثر هذه الزيادة في مداخيلهم.
المذلة التي سبقت ورافقت الزيادة، والشحاتة التي ليس بعدها شحاتة، تمخضت عن ولادة فأر! على رغم من أن أسعار النفط ارتفعت حتى بلغت أكبر من جبل، ولكن تمخض الجبل فولد فأرا. والفأر أيضا هو فأر مضروب بفأس «ديوان الخدمة المدنية»!
ومرة أخرى، يستمر مسلسل «المقصة» على البحرينيين، و«كله يقصون علينا»، وهي «مقصة» قائمة ومستمرة مصحوبة باستغفال وإذلال دائمين بشأن الزيادات في الرواتب، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
بدأت «المقصة» حينما استثنت الدولة أبناءها العاملين في القطاع الخاص من الزيادة، ثم تدرجت إلى أن استثنت الدرجات التخصصية للعاملين في الحكومة، إلى أن وصلت المقصة بالتلاعب في التوجيهات الملكية وتأويلها بحسب ما يشتهي ديوان الخدمة المدنية أو غيره من جهات في الدولة. فالملك -حفظه الله- يقول زيادة، وديوان الخدمة المدنية يقول لا الزيادة المقصودة كيت وكيت، وفي ذلك استغفال من قبل ديوان الخدمة المدنية، بل هو استحمار للمواطن البحريني! فالبحريني الذي لم ينله من زيادة أسعار النفط قطمير، ها هو يقبع تحت خط الفقر ويعاني مرارات لا تعد ولا تحصى... حتى اشتهر البحرينيون على أقرانهم في الخليج العربي بأنهم يعانون من الأمراض الثلاثة: الضغط والسكر والقلب. وبالشعبي يقال: موز وتفاح وبرتقال!
الحذلقة والفذلكة، والموضة الجديدة التي أعدها وأخرجها ديوان الخدمة المدنية وعلى ضوئها قام باحتساب الزيادة على أساس الرتبة صفر، بداية المربوط، لكل درجة؛ وليس على رتبة الموظف التي هو عليها الآن! طبعا هذا الإجراء يشير إلى أن الإخوة في ديوان الخدمة المدنية مبدعون أشد الإبداع في التفنن في إيذاء المواطنين وحرمانهم من حقوقهم الطبيعية. مسئولو ديوان الخدمة المدنية معلقة في رقابهم زيادات الناس، والمسئولين ذاتهم من حق المواطنين مساءلتهم بسبب حرمانهم من الزيادة كما صدرت في الأمر الملكي.
من قديم و«المقصة» قائمة، وكلما تحدثنا عن أمر قالوا لنا إن الذي فوق لا يعلم بما يفعله الذين هم تحته. وكان ذلك مصدقا في قديم الزمان، أما اليوم في ظل تطور وسائل الإعلام ونقلها تفاصيل التفاصيل لما يدور في البلاد؛ فإن «اللي فوق واللي تحت» الكل يعلم ماذا يفعل الآخر!
البحرينيون طيبون لآخر حد، ومع ذلك يحاول البعض استغفالهم بشكل دوري، سواء فيما يتعلق بالمشروعات الوهمية، أو في مسألة الحقوق التي هي في عالم اليوم مسألة لا نزاع حولها البتة. الواجب على المواطنين، الشرفاء فقط، فضح هذا التلاعب بمشاعر الناس وامتهان كرامة البحرينيين الذين ليس لهم إلا الصبر وهضم العلقم يوما بعد آخر، ويبدو أنه لا أيام جميلة تنتظر البحرينيين أبدا ألبتة!
إلحاح البحرينيين على الزيادة، والشحاتة التي مارسناها لم تكن بالمستوى المطلوب، ويبدو أننا بحاجة لأن ننظم مظاهرة أو مسيرة كبيرة ونقوم بوضع شعار كبير ونصرخ حتى تتقطع حبالنا الصوتية: «يا الله من مال الله».
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1851 - الأحد 30 سبتمبر 2007م الموافق 18 رمضان 1428هـ