العدد 1839 - الثلثاء 18 سبتمبر 2007م الموافق 06 رمضان 1428هـ

ولاية الفقيه... و «أمة حزب الله»

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

بداية فإن مصطلح «أمة حزب الله» ليس له علاقة بـ«حزب الله اللبناني»، فالأخير تنظيم عسكري - سياسي - اقتصادي - اجتماعي متحالف مع ايران وسورية ضمن معادلة اقليمية معقدة، وحزب الله اللبناني دافع عن شرف الأمة، والتحليلات التي طرحت في هذه السلسلة من المقالات لاتنطبق على الحال اللبنانية.

ظهر مصطلح «ولاية الفقيه» على السطح في العام 1979، وحينها طرح السؤال عن علاقة هذا المفهوم بمفهوم الأمة الإسلامية. فهل ان الأمة، بكل تصنيفاتها، أصبحت - شرعا - تحت قيادة واحدة يمسك بها الولي الفقيه الذي انتصر في ايران؟

انقسم الطرح بين من نظر إلى الموضوع من زاوية ما حدث على الأرض من ثورة شعبية آمنت بقيادة الإمام الخميني وانتصرت على أكبر جبروت في المنطقة، وبالتالي فإن تفاصيل المحتوى النظري لم تكن مهمة، وإنما المهم هو الحدث الذي يشبه المعجزة وقد تحقق على يد شخص اسمه روح الله الموسوي الخميني، وأن هذا الشخص كان بيده أن يطرح نفسه للأمة الإيرانية وكان متأكدا أنه سيحصل على أكثر من 90 في المئة من الأصوات متى شاء وفي أية قضية أراد بسبب الصدقية والمكانة التي كان يتمتع بها، وبسبب الشعبية التي حصل عليها والتي فاقت كل التصورات وضربت كل المقاييس. هذا الطرح كان يرى العيب في فئات الأمة الإسلامية الأخرى التي لم تلتحق بركب سيد المجاهدين، الإمام الخميني... وكان هذا الطرح يرى أن من لم يؤيد الخميني فإنه من الذين لا يمتلكون مبادئ تنتصر للشعوب المستضعفة التي تقع تحت ظلم الدكتاتورية والاستبداد والعنجهية.

طرح آخر فسر ولاية الفقيه حرفيا، وانتهج نهجا يقول إن شخصا مثل الإمام الخميني أصبح «واجب الطاعة»، بمعنى أن البيعة له تمت بصورة تلقائية بعد انتصاره في ايران، وأصبح أمره يمثل أمر المعصوم، وأن الراد عليه راد على النبي (ص)، وأن الراد على النبي (ص) راد على الله سبحانه وتعالى. هذا الطرح رأى أن قيادة الإمام الخميني «إلهية»، بمعنى أنها قرار إلهي، وأن الناس عليهم «التعبد» من خلال طاعتها، تماما كما يتعبد الإنسان بالصلاة من دون أن يسأل عن السبب في عدد الركعات في هذا الوقت أو ذاك، لأن الفعل واجب تعبدي بنص إلهي.

على أساس ذلك، نشأ مفهوم جديد أطلق عليه منظروه «أمة حزب الله»... فهذه الأمة هي مجموعات من الناس الذين يتلاقون في المساجد والحسينيات والجمعيات ويصلون خلف أحد علماء الدين الذين يؤيدون مجريات الأمور المحيطة بالثورة الإسلامية في إيران، وعلماء الدين في هذه الحال هم القيادة التي توحد صفوف «الأمة» ضمن إطار عام اسمه «أمة حزب الله». هذه الأمة هي جماهير الحزب المطيعة لمجموعة من علماء الدين الخاضعين لتراتبية تقليدية نابعة من الحوزة الشيعية ومن صفوف المؤيدين لحوادث سياسية ترتبط بالجمهورية الإسلامية. لم تتحقق هذه الرؤية بنجاح في أي مكان، بل تسببت في تشتيت الجهود وبعثرتها وخفض مستوى الطرح الفكري في أوساط الشيعة. (غدا الحلقة الأخيرة في هذه السلسلة من المقالات).

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1839 - الثلثاء 18 سبتمبر 2007م الموافق 06 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً