العدد 1838 - الإثنين 17 سبتمبر 2007م الموافق 05 رمضان 1428هـ

العنوسة... والتعدد!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

صحيفة «الأيام» في عددها الصادر يوم الثلثاء 29 شعبان 1428 هـ وفي ملفها الخاص بالقرى وهمومها تحدّثت عن العنوسة في بعض قرى البحرين وأوردت بعض الأرقام المتعلقة بأعداد العانسات في تلك القرى نقلا عن مكتب «الوسيط» الذي قام بإجراء تلك الإحصاءات وذكر صاحب المكتب أنّ الإحصاءات تشير إلى أن عدد المواليد من الإناث يفوق عدد المواليد من الذكور بما يعادل الضعف.

صاحب المكتب الذي قام بتلك الإحصاءات أكّد أنّ حل مشكلة العنوسة في البحرين لن تتحقق إلاّ بخلق ثقافة التعدد، ومن دون هذه الثقافة ستبقى العنوسة مشكلة تؤرق المجتمع البحريني!

لست أدري من أينَ جاء صاحبنا بتلك الإحصاءات التي لا تتفق مطلقا مع الواقع الذي نعرفه في العالم كلّه، إلا إذا كانت «البحرين» حالة استثنائية لها خصوصية «أنثوية» من دون سائر بلاد الدنيا!

كلّ الإحصاءات تؤكّد أن أعداد المواليد تكاد تكون متساوية بين الرجال والنساء وفي بعض الحالات قد تزيد نسبة أحدهما على الآخر في حدود 1 في المئة فقط، ولو زادت هذه النسبة لحدث اختلال رهيب في المجتمع يؤثر بصورة كبيرة على وجوده.

كنت أتمنى أنْ يكون صاحب المكتب المذكور قد راجع مصلحة الإحصاءات في بلده وتأكّد منها عن نسبة الإناث للذكور بدلا من إطلاق نسبة مستحيلة الحدوث بكلّ المقاييس.

وبعيدا عن تلك النسب، وبعيدا -أيضا - عن أعداد «العوانس» التي ذكرها في بعض القرى - وهي قليلة - فإني أودّ التأكيد على أنّ مصطلح «عانس» ليس محصورا بسن معينة وفي جميع الأوقات والظروف، إذ أنه قابل للتغير بين وقت وآخر، كما أودّ القول أنه ليست كلّ «عانس» ترغب في أي نوع من «الزواج» أو في أيّ لون من «الأزواج» فقد تفضل البقاء طيلة عمرها من دون زواج وهي سعيدة بذلك إن لم يكن زواجها من رجل يحمل كلّ المواصفات التي تريدها.

العنوسة ليست مرتبطة بسن معينة، والمؤكّد أنّ كلّ فتاة تختلف عن سواها في هذه الناحية بحسب ظروفها وأحوالها المختلفة وبالتالي يصعب الحكم على مجموعة من الفتيات بأنهنّ «عوانس» بحسب المفهوم الشائع لهذه الكلمة.

كلمة «عانس» نقطة تستعمل - غالبا في إعطاء وصف سيئ للفتاة التي لم تتزوج، وهذا خطأ ينبغي التوقف عن ممارسته، إذ إن عدم الزواج أو التأخّر فيه ليس عيبا في كلّ الحالات، فلكلّ شخص - رجلا أو أمرأة - وضع خاص يجب النظر فيه، ولن ينظر فيه بدقة إلاّ صاحبه فهو أعرف بنفسه من سواه.

لستُ مع المرأة التي تريد أنْ تتزوج من أي «ذكر» لكي لا تكون «عانسا»؛ لأن هذا النوع من الزواج قد يقودها إلى مصائب تعاني منها هي أو أولادها في المستقبل.

لا بدّ للمرأة أنْ تبحث عن «زوج» وليس «ذكرا» وفرق هائل بين الاثنين وما أقوله عن المرأة أقوله عن الرجل أيضا سواء بسواء، فالزواج مؤسسة «إنسانية» تجمع بين «اثنين» يرغب كلّ واحد منهما في إقامة حياة سعيدة وبناء عائلة صالحة - إن شاء الله - وإن لمن يكن هذا الهدف وتلك الرؤية واضحة عندهما فالزواج لن يتحقق له النجاح والشواهد كثيرة على ما أقوله.

أمّا حديث صاحب المكتب عن أنّ التعدد هوالحل - وليس سواه - لهذه المشكلة فهو حديث تنقصه كلّ الحقائق التي نعرفها والتي أشار التحقيق المنشور في الصحيفة إلى بعضها.

ابتداء فأنا أعرف الحكم الشرعي في التعدد، وأعرف أنه مباح، ولكنّي أعرف - أيضا - أنّه جاء لحل بعض الإشكالات المعنية في المجتمع ضمن شروط معينة، وبالتالي فإنّ «التعدد» ليس هو «الحل» الأوحد لمشكلة «العنوسة» إذ إن هناك حلولا أخرى تبدأ بحل مشكلات الرجل قبل المرأة.

في مثل الإحصائية أشار- من قام بها- إلى مشكلات الفقر التي تجعل الرجل عاجزا عن الزواج ونفقاته، فمثل هذا الرجل هل يكون التعدد حلا لمشكلته؟! الذي لا يستطيع الزواج من واحدة هل يستطيع التعدد؟

الذي يبحث عن امرأة في عمر «جدّته - أو عن مدرّسة أو موظفة لكي تستطيع الإنفاق عليه هل بامكانه أنْ يعدد ليحل مشكلات النساء الأخريات؟

يجب أنْ يكون هناك دعوة ومن كلّ العقلاء لتخفيف كلف الزواج وما يتبعها من نفقات يعجز عنها كثير من الشباب.

يجب أنْ يكون هناك دعوة لمؤسسات الدولة المختصة لإعانة الشباب على الزواج وإعطاء نفقة - زيادة في الراتب - للزوجة وللأولاد.

يجب أنْ يكون هناك دعوة لوزارة الإسكان - ومن في حكمها - لإعطاء مساكن مناسبة للشباب لكي يتزوجوا في أماكن لائقة ولا يدفعوا معظم دخلهم الشهري في إيجار مسكن الزوجية. هذه المسائل وما أشبهها هي الحلول العملية المناسبة لحل مشكلات الشباب - من الجنسين - وهي التي ستحل إلى حد كبير مشكلات عدم الزواج وسلبياتها الخطيرة على المجتمع فهل نلتفت لهذه المسائل، وهل يكون هذا الشهر الكريم بداية عملية لحل مشكلاتنا كافة؟ أرجو ذلك.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1838 - الإثنين 17 سبتمبر 2007م الموافق 05 رمضان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:02 ص

      تناقد

      والسؤال ايضا ادا كان الشاب يستطيع التعدد كيف الحل يعني ماقصده اداكان الحل خفض النفقه والمساعده عليها والا تعدد كيف تنتهي المشكله والنساء ضعفي الرجال

اقرأ ايضاً