فشلت الأمم المتحدة في إجتماعها الأخير الذي عقد قبل أيام في مدريد، بشأن البيئة، في المصادقة على موازنة خطة لمواجهة التصحر على مدى عشر سنوات. هذا الأمر سيدعو إلى عقد اجتماع جديد لبحث الموازنة في نيويورك بعدما فشل اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة التصحر للتوصل إلى اتفاق بشأنها في العاصمة الإسبانية (مدريد).
فشل الإجتماع، على رغم أن الأمم المتحدة تؤكد أن التصحر الناجم عن التغير المناخي والأنشطة الزراعية الضارة بالبيئة قد أصبح أزمة تتخذ أبعادا عالمية. ووصل الأمر بالمنظمة العالمية إلى التحذير من أن هذه الازمة «قد تبدأ في إرغام الناس على هجر بيوتهم في غضون 10 سنوات، ومعظمهم في إفريقيا. لكن تحوم شكوك كثيرة حول قدرة المنظمة على التعامل مع الظاهرة، فالناشطون في مجال البيئة يقولون «إن 200 دولة وقعت المعاهدة قبل عقد من الزمن، لكن ولا واحدة التزمت نفذت التزاماتها».
وليست هذه المرة الأولى التي تحذر فيها الأمم المتحدة من مخاطر التصحر، ففي يونيو/حزيران 2007 حذرت دراسة أعدتها جامعة الأمم المتحدة من إن عشرات الملايين من البشر يواجهون خطر النزوح من بيوتهم بسبب زحف الصحراء، وخصوصا في الدول الإفريقية جنوب الصحراء ووسط آسيا، مشيرة إلى أن التغير المناخي مسئول رئيسي عن ظاهرة التصحر «وهي أخطر تحد بيئي في عصرنا». وحذرت الدراسة انه إذا لم يتخذ إجراء فإن «حوالي 50 مليون شخص يواجهون خطر التشرد والنزوح خلال السنوات العشر المقبلة.»
ولم يخف الأمين العام للأمم المتحدة حدود تلك المخاطر فقال في كلمته التي وجهها إلى العالم بمناسبة اليوم العالمي للتصحر في يونيو/حزيران 2007، «لا يمثل التصحر واحدا من أضخم التحديات التي تجابه البيئة في العالم فحسب، بل يشكل أيضا عقبة رئيسية أمام تلبية الاحتياجات البشرية الأساسية في الأراضي الجافة. فهو يعرّض للخطر صحة ورفاهية 1,2 مليار نسمة في أكثر من 100 بلد. وكثير من أفقر السكان في العالم هم أيضا أكثر من يعانون من آثار التصحر. ذلك أن ثلثي الفقراء يعيشون في أراض جافة، ويعيش حوالي نصفهم في أسر معيشية في المزارع، إذ يهدد التدهور البيئي بالخطر الإنتاج الزراعي الذي تعتمد عليه معيشتهم».
وتعد ظاهرة التصحر من المشاكل المهمة وذات الآثار السلبية لعدد كبير من دول العالم، وخصوصا تلك الواقعة تحت ظروف مناخية جافة أو شبه جافة أو حتى شبه رطبة. وظهرت أهمية هذه المشكلة أخيرا، خصوصا في العقدين الأخيرين، بشكل كبير، وذلك للتأثير السلبي التي خلفته على الأصعدة كافة ، الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
ولذا أصبح التصحر من أخطر المشكلات التي تواجه العالم عموما، والقارة الإفريقية خصوصا. وعلى الصعيد العالمي، يتعرض حوالي 30 في المئة من سطح الأرض لخطر التصحر مؤثرا على حياة مليار شخص في العالم. أما ثلث الأراضي الجافة في العالم قد فقدت فعلا أكثر من 25 في المئة من قدرتها الإنتاجية. وكل عام يفقد العالم 10 ملايين هكتار من الأراضي للتصحر. (الهكتار = 10 آلاف متر مربع). وفي العام 1988 فقط كان هناك 10 ملايين لاجئ بيئي. ويكلف التصحر العالم 42 مليار دولار سنويّا، في حين تقدر الأمم المتحدة أن الكلف العالمية من أجل الأنشطة المضادة للتصحر من وقاية وإصلاح وإعادة تأهيل للأراضي لن تكلف سوى نصف هذا المبلغ (ما بين 10 - 22,4 مليار دولار سنويّا).
ويبلغ مجموع الأراضي الجافة في العالم (6,45) مليار هكتار، أي (0.43) من مجموع الأراضي في العالم. وطبقا لبيانات المناخ تبلغ الأراضي الجافة في العالم (5,55 مليارات هكتار أي (0,37) من الأراضي في العالم والفرق بين التقديرين الذي يبلغ (0,9 مليار هكتار أي 0,6) من أراضي العالم يمثل الصحاري التي تسبب في صنعها الانسان. وتبلغ المساحة المهددة بالتصحر من مجموعي الأراضي الجافة (3,97) مليار هكتار أي (75,1) من مجموع الأراضي الجافة في العالم ما عدا الأراضي الصحراوية القاحلة بشدة. ويتجاوز عدد البلدان المتأثرة بالتصحر 100 بلد.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1837 - الأحد 16 سبتمبر 2007م الموافق 04 رمضان 1428هـ