العدد 183 - الجمعة 07 مارس 2003م الموافق 03 محرم 1424هـ

ماذا بعد البيان الختامي للقمة العربية ؟

نادر الملاح comments [at] alwasatnews.com

بعد الشد والجذب والتلاحم والتنافر، عقدت القمة العربية المرتقبة. اعتيادية طارئة. متمخضة عن بيان ختامي 

1- رفض الحرب.

2- الدعوة إلى حل سلمي.

3- دعوة العراق إلى الاستجابة لقرارات الأمم المتحدة.

أما بالنسبة إلى النقطة الأولى، فهي أمر يفرضه واقع الرفض الشعبي للحرب على امتداد المنطقة العربية، ولولا الحياء، لاقتصر البيان على النقطتين الأخيرتين، إن لم يؤيد الحرب العدوانية على الشعب العراقي وعلى الحضارة العراقية الأصيلة.

أما الدعوة إلى حل سلمي للأزمة ودعوة العراق إلى الاستجابة لقرارات الأمم المتحدة فما هي إلا فصل بارد من فصول المسرحية الأميركية الباهتة المشاهد وتعزيزا للمجاملة المفضوحة لبعض الأنظمة العربية والأوروبية «الصديقة».

ربما يرى البعض أن هذا تحامل على الأنظمة العربية، إلا أنه لا يعدو أن يكون واقعا وإن كان مر المذاق. فلو كان هذا البيان كما رآه بعض المحللين السياسيين والمراقبين بيانا إيجابيا يعكس واقع الموقف العربي لكان لزاما على هذه الأنظمة أن تلتزم بما ورد فيه. وهذا ما لن يكون إذا ما أخذت في الحسبان الاعتبارات المصلحية لهذه الأنظمة.

فإعلان هذا الموقف الرافض للحرب لا ينتظر منه أن يكون موقفا كلاميا للاستهلاك الإعلامي، وإنما يجب أن يترجم إلى فعل إذا ما اعتبرناه تعبيرا حقيقيا عن موقف هذه الأنظمة. ولعل أول بنود هذه الترجمة يتمثل في منع الولايات المتحدة من استخدام الأراضي والأجواء والمياه العربية لضرب العراق، الذي هو في طبيعة الحال مقدمة لسلسلة طويلة من الاعتداءات الأميركية والصهيونية المبيتة التي صرح بها المسئولون الأميركيون مرارا.

وثانيها، طبعا، هو الطلب الصريح من القوات الأميركية الرحيل عن المنطقة بدل تقديم التسهيلات لها. فهل يا ترى يجرؤ الرافضون للحرب في شرم الشيخ على القيام بمثل هذا العمل؟

إن هذا التناقض الذي تعيشه هذه الأنظمة إنما يدلل على مدى ضعفها الذي هو بكل أسف ضعف اختياري لا قسري.

كان حريا بالمؤتمرين أن يسجلوا موقفا للتأريخ من خلال تضمين بيانهم الختامي أمرا ـ وليس طلبا ـ للقوات الأميركية بالرحيل العاجل عن المنطقة ولاسيما أنهم ليسوا الوحيدين في العالم، فغالبية العالم الأوروبي وروسيا بل وحتى الشعب الأميركي يعارض الحرب. بل إن فرنسا على سبيل المثال التي تربطها بكل من الشيطان الأكبر وعجوز أوروبا علاقات وثيقة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي وغيرهما، فضلت أن تكون ندا على أن تقدم المعونة إلى «مغول العصر» وتكون معولا في يده، فلم تثنها المقاطعة الأميركية للبضائع الفرنسية وإنما قابلتها بمقاطعة فرنسية للبضائع الأميركية، وكذلك هو الحال بالنسبة إلى روسيا.

فيا ترى، ما الذي يمنع 22 دولة تمتلك هذه الثروة الطائلة الكفيلة بشل السواعد الأميركية من أن تقدم على خطوة عملية، بدلا من البيانات والخطب الإعلامية البالية؟ أو المبادرات الأميركية ذات الأغلفة العربية.

ولكي لا يتطاول المتطاولون، يجب تأكيد فصل الدفاع عن الشعب العراقي عن الدفاع عن النظام العراقي، فدفاعنا لم يكن ولن يكون في يوم من الأيام دفاعا عن النظام العراقي الدموي، إلا أننا عندما نزن الأمور بميزانها الصحيح، لابد أن نعي حجم الخطر الذي يتهدد ليس الشعب العراقي فقط وإنما المنطقة العربية عموما، إذ لم يستح المسئولون الأميركيون والصهاينة من التصريح بأنهم بصدد رسم خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط. نحن مع إسقاط نظام صدام حسين، لكننا لسنا مع هذا التدخل الأميركي السافر لا سلميا ولا عسكريا مهما كانت المبررات التي يضعها المعارضون أو المتمصلحون من هذا الغزو.

العدد 183 - الجمعة 07 مارس 2003م الموافق 03 محرم 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً