العدد 1829 - السبت 08 سبتمبر 2007م الموافق 25 شعبان 1428هـ

رؤية في الدوام المرن... (1)

سكينة العكري comments [at] alwasatnews.com

كشف وزير التربية والتعليم في الأسابيع القليلة الماضية، أنّ هناك دراسة في الوزارة لتطبيق موضوع الدوام المرن لطلاب المدارس بجميع مراحلها، وأنه من المقرر تطبيقه خلال العام الدراسي المقبل، الموضوع كان بمثابة القنبلة التي انفجرت على رؤوس قطاع المعلمين والمعلمات الذين بدورهم سيعملون على تطبيق المشروع وتنفيذه ميدانيا على أرض الواقع في حين أنّ القرار قد صيغ وبني بعيدا كلّ البعد عن مشاركتهم الفعلية لا من بعيد ولا من قريب، الأمر الذي كان بمثابة الصاعقة، فلم تستخدم الوزارة أسلوب التدرّج ولا أسلوب المشاورة، ولا جس النبض بل عمدت إلى استخدام أسلوب الأمر الواقع، فلم نسمعْ على سبيل المثال عن المشروع ولا عن رغبة الوزارة في تغيير الدوام المدرسي إلا بعد أن طبخ في مطبخ الوزارة، وقبل تقديمه.

قطاع المعلمين يقرأون الموضوع بأنه أسلوب عقيم لا فائدة ترجى من خلاله؛ لأنهم لا يمكن لهم أنْ يكونوا متعاونين مع وزارتهم التي لطالما همشت أدوارهم وغيّبتهم عن دائرة صناعة القرار كما أنها تعمد دائما إلى تغييب وتهميش الجمعية التي تمثلهم ما يسبب للوزارة حرجا كبيرا لا يمكن مداراته.

بشكل موضوعي وعلمي ومن خلال المنطلقات التي ينطلق منها الوزير ورغبته الفعلية في المساهمة في التخفيف من أزمة الازدحامات المرورية الخانقة وهذا أمر مقدّر ويعكس اهتمامه، مع افتتاح المدارس والتي باتت قضية جدا مؤرقة، وأكاد أجزم بأنه لا حلّ لها؛ لأن الموضوع كبير وعميق ويزداد اتساعا، فلا الدوام المرن الذي تسعى الوزارة حاليا لفرضه كفيل بحل الأزمة، ولا غيرها من أساليب تتعلق بجهود وزارة الأشغال أو إدارة المرور هي الأخرى كفيلة بحلحلة المشكلة، فالسيارات في ازدياد مطرد، والكثافة السكانية في ازدياد هي الأخرى ولا توجد حاليا ثقافة تتجّه إلى ضرورة استخدام المواصلات العامّة لسوئها هي الأخرى ولرفاهية المواطن البحريني، كما لا أظن بأن سياسة تحديد النسل أيضا كفيلة باستتباب الأمر لكون سياسات التجنيس هي الأخرى قائمة، فلم تعد البحرين بشوارعها الضيّقة ولا بأحيائها البالية تتسع لكل الأنفاس البشرية التي تعيش على أرضها، حتى وإن اجتمعت وزارت الدولة جميعها بغرض العمل على حل المشكلة، فما بالكم بأنّ وزارة التربية هي الوزارة الوحيدة التي تتصدر وتتصدّى في الوقت الراهن لحل المشكلة؟

أظنها بهذه الكيفية ربما تحاول أن تساهم في حل مشكلة ما وهي الازدحام المروري ولكنها ربما تقع في الكثير من المشكلات الأخرى التي لا يمكن حصرها التي لا تراها حاليا كالمشكلات الاجتماعية والنفسية لأبنائنا الطلبة وللمعلمين أيضا إلى جانب التصدّع الأسري وأيضا المشكلات الاقتصادية إلى جانب التربوية والتي على رأسها تدني مستوى التحصيل الدراسي، كما أنّ المشكلة نفسها التي تحاول أن تحلها لا يمكن لها التقليل لا من آثارها ولا من أضرارها.

لأسباب كثيرة ربما من أهم من يجب الالتفات إليه، أنّ غالبية أولياء الأمور وغالبية المدرسين وغالبية الطلبة لا يفضلون تبديل دوامهم المدرسي، لأسباب كثيرة ربما على رأسها عنصر المفاجأة والدهشة التي ألمت بهم بعد طرح الموضوع في الصحافة من دون مقدمات فليس من المناسب على الاطلاق إطلاق المشروعات الاستراتيجية على حين غفلة، ويعرفون بأن الوزارة متى ما فكرت في أمر ما فإنه حتما سيكون في حيز التنفيذ، بغض النظر عن النتائج والتداعيات التي ربما تصاحبه، وهم حينما يعارضون لديهم أسبابهم فغالبية أولياء الامور يأخذون أبناءهم إلى المدارس سواء في الفترات الصباحية أو المسائية معهم على الطريق، وبالتالي السيارة موجودة على الشارع، بعكس عندما نتكّلم عن تغيير الدوام، سيضطر حينها ولي الأمر إلى الذهاب إلى عمله وبعدها يرجع ليأخذ ابنه إلى المدرسة أو سيأخذ ابنه إلى المدرسة في الصباح الباكر في طريقه إلى العمل يعني قبل الجرس بساعتين، أو ربما يضطر حينها إلى توفير سائق أو وسيلة نقل خاصة لابنه؛ لأنه لا يمكن له أنْ يتقيّد بتوصيل ابنه إلى المدرسة، ففي هذه الحالة ستزيد بعض الأعباء المالية على بعض الأسر وسترهق كاهلهم من جديد، في الحالتين كلتيهما هناك سيل كبير من السيارات لن يتوقف سواء على الشوارع العامّة أو في الشوارع الداخلية المؤدّية إلى المدارس، كما أن هناك مجموعة كبيرة من أولياء الأمور هم أنفسهم يعملون في قطاع التعليم لا نعرف بالضبط كم نسبتهم ولكن عموما أعتقد أنهم لا يمثلون نسبة بسيطة وبالتالي تأثير ذلك على تغيير الدوام غير إيجابي، ففي الحالتين هم سبب في الازدحام المروري بغض النظر عن ساعة الدوام.

في المقال القادم سأستعرض وإيّاكم الرؤية والمهتمين... برجاء المتابعة.

إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"

العدد 1829 - السبت 08 سبتمبر 2007م الموافق 25 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً