ذات يوم، استشهد عضو اللجنة السياسية بجمعية العمل الإسلامي عبدالأمير العرب في إحدى الندوات السياسية التي شارك فيها بمقولة الإمام علي بن أبي طالب «ما ترك لي الحق من صديق»، وكان مبتسما حينها. كان عبدالأمير العرب، يعتقد أيضا أن «الحق» ما أبقى له أيضا من صديق، لكنه قبل يومين، وهو في طريقه لمثواه الأخير، كان محفوفا بالأصدقاء والمحبين. فالذين يقدمون للناس أوقاتهم - ولقد قدم عبدالأمير العرب الكثير للناس - لا بد وأن يكون لهم من الوقت، والحب، والذكرى، ما يليق بهم.
لا يمثل رحيل الفقيد عبدالأمير العرب - المفاجئ - خسارة كبيرة لجمعية العمل الإسلامي والتيار الرسالي فقط، فالفقيد هو أحد الذين عملوا بإخلاص وصدق لخدمة أبناء البحرين كافة. والبحرينيون الذين ودعوا عبدالأمير العرب إثر الحادث الأليم الذي تعرض له يقدمون له، ولعائلته الكريمة، خالص الامتنان على مساهماته، وعطاءاته الكريمة.
عاش عبدالأمير العرب مشغولا بالناس، وبالمساهمة في الدفاع عن قضاياهم العادلة. وحين عاد من المنفى ساهم في نشاطات جمعية العمل الإسلامي في العمل الوطني، وكانت رؤيته الواقعية، وحسه الوطني، الميزة الأهم في آرائه السياسية التي كانت محط احترام وتقدير من قبل جميع المهتمين والشركاء السياسيين له.
جمعتني بالفقيد محادثات تلفونية، وتصفحت بالأمس مجمل كلماته في الكثير من الفعاليات والمهرجانات السياسية، ووجدت أن عبارات العمل الوطني / المصلحة الوطنية / الهاجس الوطني تمثل العبارات المحورية والمركزية في خطاباته، لم يكن الراحل يتحدث باسم جمعية العمل الإسلامي في النطاق الضيق من العمل السياسي بل كان منفتحا على جميع الجمعيات السياسية في البحرين، وكانت له الرؤية القويمة في «اجتماع الشمل»، و«العمل الممنهج»، و«البرنامج الواحد»، واستثمار شتى الخيارات المتاحة في تحقيق المزيد من المكتسبات والحقوق الوطنية التي جاهد الفقيد في سنوات عمره القصيرة، في العمل لأجلها.
لم يكن الفقيد العزيز عبدالأمير العرب رجل سياسة مهووس بالإعلام أو الصحافة، لكنه، كان رجل سياسة صادق السريرة، مؤمنا بالعمل السياسي والتطوعي خدمة لأبناء وطنه الذي أحبه.
البحرين التي ودعت عبدالأمير العرب، ودعت معه محبته للبحرين وإخلاصه لأبناء وطنه، ودعت معه أخلاقه «الرفيعة» وإنسانيته الكريمة، لذلك، لم تكن احتفالية التوديع إلا الشيء البسيط الذي يستطيع البحرينيون تقديمه للفقيد.
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1825 - الثلثاء 04 سبتمبر 2007م الموافق 21 شعبان 1428هـ