ثمة قاطع مشترك بين جميع الأقطار العربية في جميع المآسي التي تحل على أهل كل قطر. هذا القاطع المشترك هو: انتهاك حقوق الإنسان. ومأساة الشعوب العربية لا تكمن في أنظمتها؛ بل تساهم الشعوب ذاتها في تموضع الطواغيت والفراعنة الجدد في مكامن السلطة وصناعة القرار.
في بلاد الغرب، قام الناس بثورات متعددة من أجل انتزاع الاعتراف بإنسانيتهم؛ ومساواتهم أمام القانون والعدل بينهم، وحقهم في الاعتقاد والتعبير، والحكم والإدارة. واستحكمت حلقات المطالبات الحقوقية واشتراطات تحققها السياسية والاجتماعية، فكانت دول الغرب كما هي عليه اليوم.
إلا أن دور النخب المثقفة، والشعوب العربية عموما، هو تطبيع قيم الخوف والجبن والنفاق والتملق للطواغيت والفراعنة الجدد، وشيوع جميع القيم الإنهزامية والسلبية في المجتمع تجاه التغيير، إلى الدرجة التي ينطبق فيها الأثر القاتل والقائل: «كيفما تكونوا يولى عليكم» انطباقا دقيقا ومحكما على بقاع كثيرة من الشعوب العربية.
ومع ذلك، فإنه لا ينبغي الغفلة عن استخدام الأنظمة العربية للمال العربي في زيادة الجواسيس والعسس، وتكبيل الشعوب وقيادتها بالحديد والنار أو بالعقرب والسكين المغروسة في الماء. وتطور الأنظمة العربية أدواتها (من الكرباج وغيره) بسرعة مذهلة تسبق تطور أي شيء آخر في الدول العربية. فالأساليب المبتكرة للتنكيل بالأصوات العربية الحرة تبدأ بتلفيق القضايا، وترويج الإشاعات، إلى التغييب التام عن الحياة!
في الانتخابات المتعددة التي تجرى في الدول العربية تنفخ القيادات السياسية العربية من خلال إعلامها الرسمي وشبه الرسمي والمدفوع الأجر بأن انتخاباتها نزيهة ومستقلة، في حين أنها ترفض الرقابة الدولية على الانتخابات! وكما يقول المثل: لا تبوق لا تخاف. إلا أن الأنظمة العربية تعلم أكثر من غيرها أنها من أكبر سراق المال العام، إن كانوا يعتبرونه مالا عاما؛ إذ يتضح، من تصرفات الطغمة الحاكمة العربية وأزلامها، بأنهم يعتبرون المال العام والأرض التي يحكمونها والبشر الذين يمشون عليها ملكا خاصا لرأس النظام! ولذلك يتم اقتسام الثروات بحسب المصالح السياسية وليس الحاجات الاجتماعية لمواطني هذا البلد أو ذاك!
انتهاكات حقوق الإنسان في الدول العربية بحاجة إلى مرصد حقوقي أهلي، غير تابع للسلط السياسية وفي الوقت ذاته غير خاضع للإملاءات الأجنبية؛ خصوصا تلك التي تتحدث عن الأقليات والاثنيات وبقية الفئات التي تعاني من تهميش، أو تعاني مناطقها من إهمال متعمد أوغير متعمد.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1823 - الأحد 02 سبتمبر 2007م الموافق 19 شعبان 1428هـ