العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ

ثورة مصرفية عن طريق الهاتف النقال

مصباح الحرية comments [at] alwasatnews.com

مشروع مصباح الحرية

ثورة الهاتف النقال التي حوّلت العالم يمكن أيضا تحويلها إلى ثورة مصرفية. تُستَخدم الهواتف النقالة في الكثير من الدول للإيداعات والتحويلات على نطاق ضيق. هذا يمكن تحديثه ليصبح تصميم البناء الجديد للمصرف في القرن الحادي والعشرين.

أكبر نموذج مصرفي محتمل - كما يسمى - هو الهند؛ حيث تنمو توصيلات الهواتف النقالة بمعدل ضخم يصل إلى 6 ملايين شهريا.

لاتزال توصيلات الهاتف النقال محصورة في المدن بشكل كبير، ولكن السياسة الجديدة قدمت حوافزَ إلى شركات الاتصالات لتركيب أبراج الهواتف النقالة في المناطق الريفية حيث يعيش 70 في المئة من الهنود. ويتوقع مزودو الخدمة أن يصل عدد التوصيلات إلى 500 مليون خلال 5 سنوات.

يمكن للهواتف النقالة أن تفتح حسابات افتراضية في مصارف افتراضية. ويمكنك أن تنظر إلى رصيد حسابك المصرفي النقال، وتصدر التعليمات عن طريق الرسائل الخطية. كما يمكن ضمان السرية من خلال كلمات السر المتعددة. حتى القرويون الذين لا يملكون هواتفَ نقالة يمكنهم أن يستخدموا - بالمجان - هواتف أصحاب المحلات التجارية، الذين تطوروا - من دون ذكاء - إلى أمناء صناديق حقيقيين في مصارفَ حقيقية.

عندما يدفع الزبون نقدا إلى صاحب المحل التجاري لإعادة شحن رصيده يكون ذلك بمثابة إيداع نقدي في حساب مصرفي افتراضي.

يمكن للزبون أيضا سحب مبلغ نقدي بالمجان إذ يقوم صاحب المحل بتحويل المبلغ من الحساب النقال للزبون إلى حسابه الخاص ومن ثم يدفع للزبون نقدا. ويمكن توسيع هذه العملية لتشمل تسديد الفواتير.

ولكن إذا كان على شركات الاتصالات الهندية أن تقدم خدمات مصرفية عن طريق الهاتف النقال، ينبغي عليها أن تحصل على موافقة الجهة الرقابية، من البنك الاحتياطي الهندي، الذي يتخوف من أن تصبح المصارف أهدافا لغسيل الأموال. لذلك يصر البنك على سياسة متشددة وهي: «اعرف عميلك». يتغاضى مصرف الاحتياطي عن المبالغ الصغيرة المحولة من خلال شبكة صاحب المحل، ولكنه لن يسمح لشركات الاتصالات بالتطور وتقديم حسابات مصرفية رسمية وإيداعات بالفائدة وخدمات مصرفية أخرى.

كما فعلت الجهات الرقابية على المصارف في دول مثل كينيا وجنوب إفريقيا، من المحتمل أن يصر بنك الهند الاحتياطي على شركات الاتصالات أن تتعاون مع مصرف مرخص قبل تقديم خدمات مصرفية رسمية.

مع ذلك يوجد لدى بنك الاحتياطي الهندي سبب وجيه لتشجيع الخدمات المصرفية بواسطة الهاتف النقال، وتحدث منذ زمن طويل عن الفكرة الخيالية بوجود حساب مصرفي لكل عائلة، حتى في المناطق الريفية. كان هذا أملا كاذبا؛ نظرا إلى التحديدات المفروضة على شبكة فروع المصرف. ولكن الخدمات المصرفية بواسطة الهاتف النقال يمكن أن تجعل الحلم حقيقة، حتى للقرويين الأميين. مثل هؤلاء الأميين لا يمكنهم التعامل مع المعاملات الورقية في مصرف تقليدي، ولكن يمكنهم إيداع النقود وسحبها من خلال البطاقات الذكية التي يمكن إعادة شحنها بمساعدة أصحاب المحلات التجارية.

بسبب إغراء الفساد، يمكن أن تنخفض المعونات المالية والتحويلات النقدية للفقراء إذا أودعت المبالغ مباشرة في حسابات المستفيدين النقالة مباشرة. فالكثير من الأموال المخصصة للفقراء لا تصل إليهم في هذه الأيام، وإنما «يشفطها» البيروقراطيون الفاسدون والمقاولون. الحسابات النقالة الآمنة قد تضمن ألا تذهب الأموال إلا إلى المستفيدين المعنيين.

العمليات المصرفية التقليدية محدودة؛ لأن قطاعات كبيرة من المناطق الريفية الهندية تفتقر إلى الكهرباء حتى القرى التي تصل إليها خدمات الكهرباء، يصل إليها التيار فترة تتراوح من ست إلى ثماني ساعات في الليل. ولكن الهواتف الخلوية بإمكانها التغلب على هذه العقبة إذ تحتاج إلى القليل من الكهرباء ويمكن شحنها في الليل.

استخدمت شركات التسويق في المناطق الريفية البطاريات التي تعمل بالطاقة الشمسية منذ وقت طويل لتشغيل أكشاك الإنترنت في الأسواق. ويمكن لهذه البطاريات أن تشحن الهواتف النقالة أثناء الليل، حتى بطاريات التراكتورات يمكن شبكها لشحن الهواتف النقالة. إذا بإمكان الهواتف النقالة تقديم خدمات مصرفية إلى جميع المناطق الريفية في الهند.

تستخدم الهواتف الخلوية حاليا في التحويلات المالية. هاجر الملايين من الريفيين الهنود إلى الدول المجاورة والخليج العربي بحثا عن العمل ويرسلون تحويلاتهم المالية إلى الهند، ولكن عائلاتهم في الهند غالبية أميين ولا تتوافر لهم سبل الوصول إلى المصارف.

تصل التحويلات المالية إلى جميع القرى في الهند عن طريق البريد، ولكن العمولات عالية. الهواتف النقالة تقوم بتحويل الأموال بطريقة أسرع وأرخص من النظام البريدي، باستخدام شبكة الإنترنت في أي محل تجاري.

هذه بداية جيدة، ولكنها بحاجة إلى تطوير. وهذا يعني أن على الشركات إقامة مشروعات مصرفية جديدة عن طريق الهواتف النقالة، وعلى الجهات الرقابية أن تسمح لها بذلك.

*باحث اقتصادي في مركز الحرية والرخاء العالميين

في معهد كيتو بواشنطن العاصمة،

والمقال ينشر بالتعاون مع «مصباح الحرية»

إقرأ أيضا لـ "مصباح الحرية"

العدد 1814 - الجمعة 24 أغسطس 2007م الموافق 10 شعبان 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً