يمعن المهووسون بالذهب في بريقه، والباحثون عن اللذة في شهواتهم، والمجردون من الضمير في غيبوبتهم، ومرضى السلطة في مؤامراتهم، والحالمون الكسالى في استرخائهم، والمتطرفون في العواطف بتراكم كوارثهم دونما إدراك، والعاطفيون حد السذاجة في تراكم الشراك التي ينصبونها للإيقاع بأنفسهم، والمحبون الأغبياء في استدراج كراهية مجانية سترسلهم إلى جحيم ذي معدة عملاقة، فيما المتبصرون بمسيرتك تحفهم ملكات عشق تأخذ بهم نحو استجلاء موقفك وضمائرهم في آن معا.

أي قان ذلك الذي يعيد إلى الدنيا رشدها؟ وإلى المغيبين ذاكرتهم المستأصلة؟ وإلى الغرباء أوطانا من ضمير؟ وإلى المذبذبين اتزانهم المفقود؟ وإلى تجار اللحظة امتدادهم في الخلود؟ وإلى المضيعين الجهات غربهم الماثل؟ وإلى الأسارى حريتهم المعلنة؟ وإلى القلقين طمأنينتهم الماثلة؟ وإلى المبعدين تمركزهم الآسر؟ وإلى المحتضرين حيويتهم المذهلة؟ وإلى المغدورين انتباهتهم الاستثنائية؟ وإلى المرتزقة انحيازهم للمثل؟ وإلى المحبطين آمالهم العريضة؟ وإلى الأشقياء سعادة تسع الكون؟ وإلى المنبوذين ملاذا بسعة الأفق؟

أبا الشهداء... حسب دمك أنه علم الدنيا الفارق بين النوم واليقظة! لله درك في ذكراك، إذ يكون للخلود معنى غير الذي عهدناه في الصحف السيارة وأجهزة التلفاز!... ليتنا بعض من ماء دمك... ليت لنا أعناقا كتلك التي كانت للمخلصين والذائذين عنك في وقت كان فيه الإنحياز للقيم والمثل ضربا من المؤامرة على العروش، وجهرا بالخروج على سلطات الصدفة!

ذات حزن... همس أحدهم: لم الأفق مظلم وجارح؟... انتفضت طفلة جرحها الموقف يوم الطف لتصرخ: ألا يكفي كل هذا الدم كي تذهب الخليقة إلى مساءلة مفجعة؟