دول العالم قاطبة تحتفل بيوم استقلالها ورحيل قوات الاحتلال وجلاء الاستعمار؛ إلا أننا في البحرين في يوم الاستقلال - 14 أو 15 أغسطس/ آب - يستبدل بيوم آخر!
يوم عيد الاستقلال يختلف عن يوم عيد جلوس ملك البلاد. البعض وصف الأمر بأن الدولة لا تريد أن تعطي المواطنين إجازة في يومين مختلفين وتريد اختصار الزمن، إضافة إلى تقليل النفقات بشأن الاحتفالات التي تقام بالمناسبتين!
يوم الاستقلال بالنسبة إلى الوطن هو يوم جلاء الاحتلال واستعادة السيادة الكاملة والقرار الوطني الناجز... هو يوم يكون فيه تأمين الثروات الوطنية وإدارتها وطنيا دونما تدخلات خارجية، هو يوم التمتع بالقرار السيادي على كل أقاليم الدولة ومناطقها ومياهها الإقليمية ومجالها الجوي، هو يوم تاريخي تحتفل به الشعوب التي نالت حريتها وسيادتها على أرضها وإدارة مقدراتها وثرواتها الوطنية بقيادات تنتمي إلى الوطن، وتعمل من أجل الصالح العام.
هكذا هو يوم الاستقلال، فالأمر الأساس فيه هو السيادة الكاملة على تراب الوطن، واستقلال القرار الوطني عن المستعمر أو المحتل الأجنبي، وإدارة الثروات بواسطة القيادات الوطنية من أجل الصالح العام... كل تلك الأمور تجعلنا في يوم استقلالنا نتساءل أولا عن تأريخ اليوم المحدد ليوم الاستقلال؟ وعن السيادة الكاملة على تراب الوطن، على رغم وجود القواعد الأميركية؟ وعن استقلال القرار الوطني عن المستعمر والمحتل الأجنبي؟ ونتساءل عن إدارة ثروات البلاد بقيادات وطنية من أجل الصالح العام؟
أما عن السيادة الكاملة على تراب الوطن، فإن حوادثَ عدة تشير إلى أن للأمريكان اليد الطولى فيما يتعلق بالمياه الإقليمية واستخدامات القواعد الجوية والبحرية في البحرين. ومازالت قضية الطيار المفقود أبي سلطان عبدالعزيز الدوسري حفظه الله وأعاده سالما إلى أهله وذويه. وأبوسلطان مازال اسمه محفورا في قلوب أهالي البديع؛ لما غرس من بذور خير لأطفال البديع وشبانها... مازال ملف الطيار الدوسري طي الكتمان... كما أن القرار الوطني المستقل لا نسمع به إلا في الحملات والاحتفالات الترويجية التي تريد أن تطبع ذهن المشاهد والمتابع أن قرارنا مستقل، ولو كان كذلك لرفضت البحرين الاشتراك في القوات التي شاركت في الحرب ضد أفغانستان الدولة التي تنتمي إلى العالم الإسلامي، ولرفضت البحرين السماح للقوات الأميركية باستخدام «القواعد» لضرب العراق الدولة التي تنتمي إلى الوطن العربي. ولا نعلم إلى أين سيصل الأمر بنا في تطبيق الأوامر الأميركية بحذافيرها؟
أما على صعيد القيادات الوطنية التي يجب أن تدير مقدرات البلاد من أجل الصالح العام، فإن المرور على مشروع واحد من مشروعات الدولة، نجد كيف يتم التصرف في المال العام وثروات البلاد، وما عملية توزيع الأراضي المنهوبة والموهوبة إلا دليل ساطع على سوء إدارة ثروات البلاد... ناهيك عن غض الطرف عن تهريب إحدى ثروات البلاد وهو «الديزل»! فأين هم الآن من تم القبض عليهم متلبسين في عملية التهريب تلك؟ أين هم «يا نيابه عامه»، ويا قضاة ويا عدالة؟ أفيدونا أفادكم الله!
نأمل في استقلال ناجز تام وقاطع وغير خاضع إلى أحد، استقلال في السيادة على البلاد، وفي القرار الوطني، وفي إدارة الثروات من أجل الصالح العام. وإلى أن يحين ذلك اليوم نقول: لك الله يا وطن وصحّ النوم يا مواطنين!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1805 - الأربعاء 15 أغسطس 2007م الموافق 01 شعبان 1428هـ