والأمر الملفت للنظر أن هذه الأسواق بدأت تحتل موقعا مهما في استراتيجية الإحتكارات العملاقة التي بدأت هي الأخرى تدرك النسبة العالية التي يمكن أن تشكلها هذه الأسواق من مداخيلها السنوية.
ففي منتصف هذا العام توقعت أكبر إدارة في مجموعة جنرال الكتريك أن تتضاعف مبيعاتها في الأسواق الناشئة إلى 300 مليار دولار في غضون ثلاث سنوات مقبلة، من خلال الإستفادة من الازدهار في الإنفاق على البنية التحتية في دول مثل الصين والهند والسعودية.
وفي لقاء مع صحيفة «الفايننشال تايمز» البريطانية، قال الرئيس التنفيذي لأعمال البنية التحتية في «جنرال الكتريك» جون رايس «إن الأسواق الناشئة ستشكل أكثر من 40 في المئة من إيرادات الإدارة بحلول العام 2010، مع اجتهاد الدول النامية لبناء الكثير مما تحتاجه من بنية تحتية كالطرق وأنابيب المياه ومحطات الكهرباء». وأضاف أنه « في الوقت الحالي، تشكل الأسواق الصاعدة نحو 30 في المئة من المبيعات السنوية لإدارة البنية التحتية البالغة 47 مليار دولار والتي تعمل في أسواق الطاقة والنفط والغاز والمياه والطيران».
وتبرز الأهداف الجديدة التي تضعها جنرال إلكتريك نصب عينيها فيما يخص الأسواق الناشئة، أهمية الاقتصادات النامية بالنسبة لعملاق الصناعة الأميركية.
وتسعى «جنرال إلكتريك» لتعزيز الإيرادات والإرباح من خلال دعم انفتاحها على الإقتصادات الناشئة سريعة النمو. وللمرة الأولى العام الماضي، تحقق الشركة أكثر من نصف مبيعاتها من خارج الولايات المتحدة الأميركية.
ويجادل بعض المراقبين بالقول إن انفتاح الشركات متعددة الجنسيات على الأسواق الناشئة يحمل مخاطر سياسية وعملية كبيرة، فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، تورطت إحدى الشركات العملاقة (منافسة كبيرة لشركة جنرال إلكتريك في مجال البنية التحتية) في فضيحة تتعلق بدفع مبالغ إلى وكلاء أعمال سمسروا لها عقودا مع حكومات أجنبية.
ورفض رايس التعليق على ذلك، لكنه اعترف بأن الإنخراط الكبير في الأسواق الناشئة يعرض الشركات لمخاطر أكبر. وقال» إن جنرال إلكتريك تستخدم الوكلاء في بعض الدول لكنها تخضعهم لقيود شديدة، (كما) نخضع وكلاء أعمالنا لمراجعة سنوية. ونتوقع منهم أن يتمتعوا بالنزاهة والقيم التي يتمتع بها موظفو جنرال إلكتريك».
أما في ميدان الإتصالات فتقول دراسة عالمية تشرف عليها مجموعه من شركات الإتصالات وإعلاميين متخصصين إن إمكان استقطاب مليار مُشترك جديد في السنوات المقبلة ليست مسألة صعبة. وتضيف التقارير أنه ليس صعبا علينا اليومَ أن نحدِّد موقع المليار مشترك المقبلين في الخدمة الهاتفية النقالة. إذ أننا نعرف أنهم سيأتون من الاقتصادات الناشئة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن نمو أعداد المشتركين في الدول النامية يبلغ ضعف نمو أعدادهم في الدول المتقدمة. كما أن سكان الدول ذات الدخل المتدني أو المتوسط يشكلون أكثر من 20 في المئة من مستخدمي الهواتف النقالة في أنحاء العالم كافة. وفي الباكستان وحدها، في الفترة ما بين يونيو/حزيران 2004 وديسمبر/كانون الأول 2005، زاد عدد المشتركين بنسبة 450 في المئة. ووفقا لمجلة «الإيكونومست» البريطانية، فقد أضحت الهواتف النقالة شيئا لاغنى عنه في الدول النامية. وحسب ما أوردته الإيكونومست فإن «أشكال الاتصال الأخرى من طرق ونظم بريدية وهواتف ثابتة محدودةٌ في العادة. فالهواتف (النقالة) تمكن الصيادين والمزارعين من التحقّق من الأسعار في الأسواق المختلفة قبل بيع صيدهم ومحصولهم، كما أنها تُسهل العثور على وظيفةٍ ما، وتسهِّل تحويل الأموال بسرعةٍ وسهولةٍ مطلقةٍ، وتعزز الأعمال التجارية بمجملها. ويمكن أن تكون الهواتف النقالة مشتركة بين أبناء قريةٍ ما. كما أن خدمات المكالمات المدفوعة مسبقا تقلل من الحاجة إلى حسابات مصرفية أو تقييم وضع المستخدم المالي للموافقة على تزويده بخط اتصالات. وباختصارٍ، فإن الهواتف النقالة مثال جلي على التقنية التي تساعد الناس على أن يساعدوا أنفسهم».
وكجزء من سياستها الرامية إلى الإندماج في السوق العالمية، وتحسبا لأي من مضار العولمة، تتجه الشركات العاملة في الأسواق الناشئة نحو الأخذ بالمزيد من سياسات الإستحواذ والإندماج.
ويقول تقرير صادر عن المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية «إن أسواق المال على مستوى العالم في مقدمتها أسواق المال في الاقتصادات الناشئة شهدت عددا من المتغيرات التي هي من الأهمية بمكان لإلقاء الضوء عليها، اذ أثرت تلك التغيرات على أداء تلك الأسواق إيجابا ما يجعلها تقود الارتفاع في أسواق المال العالمية، وما يعني أن مستقبلها السلبي والايجابي من شأنه أن يؤثر على تلك الأسواق».
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1805 - الأربعاء 15 أغسطس 2007م الموافق 01 شعبان 1428هـ