يظن البعض للأسف الشديد ونحن نعيش القرن الحادي والعشرين بكل حيثياته ومعطياته أننا في المجال الصحافي عندما نسمح لقلمنا أن يجول ويصول في الأروقة العامة والخاصة، ونحاول أن نعالج ما يمكن معالجته من قضايا وجروح بعضها طافية على السطح وأخرى مخبأة هنا وهناك، نتعمد أن نفتح ثقوبا في جدران المؤسسات الحصينة المنيعة، كما يرى البعض أننا نستهدف بعض الرموز الوطنية أو الشخصيات الرسمية، كما أننا نهدف من وراء الثقب أن نفتح عيون البشر ليروا عيوب من نتكلم عنهم بقصد التشهير بهم أو الانتقاص من قدرهم لأغراض شخصية، ونجعل من المؤسسة التي نتكلم عنها عرضة للرياح القادمة من خلال فتحنا أبواب جهنم عليها، بيد أننا نفتح الباب على مصراعيه للإثارات غير الموضوعية أو بغرض التشفي أو الحط من قدر البعض، وأحاول من خلال هذا المقال أن أبيّن أن أهداف الصحافة أهداف جد نبيلة وراقية ولا يمكن أن تكون تلك الادعاءات حقيقية مجسدة لا في صميم عمل المؤسسات الإعلامية ولا في تحرك الأقلام الصحافية، بل ما يمكن قوله في هذا الصدد: إن الصحافة شريك حقيقي للإصلاح والترقي وينبغي لها أن تترفع عن كل ما شأنه التنغيص أو تكدير صفو الأجواء الوطنية.
فلا أحدَ يستطيع أن يسلب الصحافة دورها الحقيقي الفاعل وهي السلطة الرابعة ولا يمكن حتى للحكومات أن تتنكر لدور الصحافة حتى إن حاولت مرارا وتَكراراَ في حصر أدوراها من خلال تضييق الخناق عليها ومطاردة الصحافيين ومحاكمتهم أحيانا أو التهديد بذلك. كلنا يتذكر جيدا أن هناك الكثير من الأسماء الصحافية اللامعة قد تعرضت لمواقفَ مماثلة بغرض الحد من نشاطها الصحافي «وإياكِ أعني واسمعي يا جارة» مثال ينطبق بدرجة كبيرة.
نستغرب أكثر عندما نجد أن الصحافة مستهدفة على رغم أن سلاحها الذي تعول عليه الكلمة المكتوبة بحبر على ورق، يعني أننا لا نتكلم عن أسلحة تخدش أو تجرح ولكنها ربما تجرح مشاعر البعض.
على صعيدي الشخصي عندما أتكلم عن قضية ليس بالضرورة أن يكون أحد أهدافي استهداف أفراد معينين أو مؤسسات معينة، وإنما بقصد تحقيق المطالب الوطنية بمنظور وطني، بعيدا عن الأمراض النفسية التي ربما توجه بوصلة الإصلاح إلى اتجاه آخر غير مطلوب.
ويجب أن يكون الحس الوطني هو لغة الصحافة السائدة، فالمؤسسات الإعلامية التي جاءت بهدف النيل من الوحدة الوطنية أو بغرض الإثارات الطائفية التي تحسب أنها مشروعات طائفية جاءت بغرض تفتيت اللحمة الوطنية، وإن توافرت لها العوامل المادية فستفشل في يوم من الأيام والتعويل دائما على وعي المتلقي للمادة الإعلامية، أما التعميم هنا فلا ينفعنا في شيء، فهناك أهداف نظيفة وأفق واسع لدى البعض وعلينا أن نميز بشكل واضح بين المفيد والضار لنا، كما ينبغي للطرف الآخر أن يعيد النظر في أهدافه ورسالته الصحافية، حتى لا نضرب من تحت الحزام إنجازات قد تحققت فعلا لأسباب نفسية غير نظيفة.
وعلينا أن نقبل بعضا بعضا، ونقدر الأدوار المتبادلة؛ كي يتحقق الاستقرار، فعليه ترسو سفينة الإصلاحات وعلى الصحافة أن تقوم بدورها وبواجباتها المجتمعية تجاه قضاياها، فصحافة المجاملات والنفاق لم تعد تجدي نفعا، كما أن الإثارات المتعمدة باتت فاقعة ولا يمكن استساغها فلا لون ولا رائحة لها.
ومن جديد لابد من تبني شعار لا بغرض الإثارة ولكن بغرض الاصطلاحات الوطنية.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1791 - الأربعاء 01 أغسطس 2007م الموافق 17 رجب 1428هـ