العدد 1789 - الإثنين 30 يوليو 2007م الموافق 15 رجب 1428هـ

الحوار الوطني ومرحلة الهبوط

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني تبنى إقامة عدد من اللقاءات الفكرية المهمة لشرائح متنوعة من مثقفي ومثقفات المجتمع وفي مختلف مناطق المملكة بهدف تحقيق عدد من الأهداف التي وضعها في نظامه الذي أكد أنه يسعى لتحقيقها من خلال تلك اللقاءات وسواها من الأعمال المساندة لها...

لقد مضت سنوات أربع - تقريبا على أول لقاء تم عقده في الرياض في الفترة من 15 - 18 ربيع الأول 1424 هـ ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن هناك أشياء كثيرة لم تتحقق كانت قد درست ونوقشت وتم الاتفاق عليها وهذا الوضع غير المنطقي جعل الكثيرين يتساءلون عن أهداف المركز ومستقبله في ضوء الواقع الذي يقول إن أضواء المركز باتت خافتة وباتت الخشية أن هذا الخفوت في ازدياد...

لقد نوقشت موضوعات مهمة ومن أشخاص أكفاء مثل قضية «الغلو والاعتدال: رؤية منهجية شاملة» وكان هذا النقاش محور اللقاء الثاني الذي عقد في مكة المكرمة في شهر ذي القعدة 1424 هـ، والكل يعرف أن معظم سكان المملكة يهتمون بهذا الموضوع كثيرا، بل إنه محور اهتمام العالم كله هذه الأيام لا سيما وأن محاور النقاش امتدت للحديث عن المناهج والإعلام والأسرة ودور كل منها في معالجة مظاهر الغلو، كما شمل الحديث دور الدولة ومؤسساتها في هذا الجانب مع اقتراح الحلول المناسبة لكل ظواهر الغلو والتطرف... كما ناقش المجتمعون سمات الخطاب الإعلامي السعودي ومنهجيته وأسلوب تعاطيه مع ظاهرة الغلو كما تحدثوا عن المواطنة وحقوقها...

اللقاء الثالث عقد في المدينة المنورة تحت عنوان: «المرأة: حقوقها وواجباتها وعلاقة التعليم بذلك» وكان الهدف من هذا اللقاء مناقشة واقع المرأة السعودية وسبل التعاطي مع هذا الواقع وطريقة تطويره وكذلك السبل المتاحة للمرأة للمساهمة في تطوير مجتمعها.

وأيضا خرج المؤتمرون بتوصيات مهمة ولكن هذا التوصيات لا تزال تراوح في مكانها ولم تر النور بعد...

قضايا الشباب كانت محور اللقاء الرابع الذي عقد في الظهران، وركز الحاضرون على أهمية نشر ثقافة الحوار بين الشباب وتفعيل دورهم - أعني الشباب - في تنمية وطنهم ومسائل أخرى كثيرة تدور في هذا الفلك ومرة آخرى لم نسمع عن تحقيق توصيات الحاضرين ولم نر للشباب دورا واضحا في مجتمعهم أما نشر ثقافة الحوار بينهم وفي مدارسهم وجامعاتهم فهي تكاد أن تكون معدومة...

اللقاءات الاخرى كانت مهمة هي أيضا ومحورية مثل «نحن والآخر رؤية وطنية للتعامل مع الثقافات العالمية» وكان هذا محور اللقاء الخامس، وكذلك «التعليم: الواقع وسبل التطوير» وهو محور اللقاء السادس، هذه الموضوعات لا تقل أهميتها عن سابقاتها ولكن الزخم الذي صاحبها كان باهتا خصوصا في الداخل والسبب - كما أشرت - أن الناس كانوا يأملون أن يروا نتائج اللقاءات الأولى ولما لم يروا ما كانوا يأملون أن يروه من نتائج اللقاءات الأولى بدا اهتمامهم بالحوارات يقل، من المعروف أن القائمين على مركز الحوار أكدوا أن من أهم اهداف مركزهم توفير المجالات الصالحة للحوار بين كل أفراد المجتمع وعلى مختلف أفكارهم ومذاهبهم بما يحقق مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء...

هذا الهدف لا يزال على الورق على رغم مضي أربع سنوات على كتابته، فالحوار بين جميع أبناء الوطن لا يكاد يراه أحد، المدارس والجامعات تكاد أن تكون مغلقة تماما على الحوار لا بين الأساتذة وطلابهم ولا بين الأساتذة أنفسهم ولا بين الطلاب بعضهم بعضا... وإذا فقد هذا النوع من الحوار في أهم محاضنه فمن باب أولى أن يكون مقصودا في الأماكن الآخرى، ومن هنا فإن أهم أهداف المركز لم تتحقق بعد!

الحوار الهادف والشفاف من أهم مرتكزات الوحدة الوطنية، والمركز بطبيعة تكوينه يسعى لمثل هذا النوع من الحوار، ولكن سعيه لم يصل إلى مانريده ولست أدري هل سعى فعلا أم أن هذا السعي لا يزال على الورق؟!

أهداف المراكز الحوارية في غاية الأهمية والجودة ولكن ما قيمة هذه إذا كانت حبرا على ورق لم يكتب لها أن تكون واقعا يراه الناس في واقع حياتهم؟ إن الحوار الوطني يواجه مأزقا حادا بسبب عدم تفعيل توصيات المؤتمرات، المواطنون بكل فئاتهم تفاءلوا كثيرا بمركز الحوار الوطني وأعطوه جل اهتمامهم ولكنهم الآن ينظرون إليه بصورة مختلفة...

ليس المهم أن نجتمع ونتحدث ونكتب توصيات... المهم أن نرى نتائج تلك الاجتماعات... كثير من التوصيات ممكن تحقيقها وبسهولة فلماذا كل هذا التأخير؟ تشجيع الحوارات في الجامعات والمدارس يحتاج إلى قرار من جهات الاختصاص فلماذا لا يعمل المركز على دعم مثل هذا القرار؟ لا أريد أن أواصل تعداد المحاور التي كان يجب على المركز اتخاذها في حينه كي يدعم مكانته في المجتمع ولكني أريد القول إن بإمكانه أن يتدارك ما فات وذلك قبل فوات الأوان.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1789 - الإثنين 30 يوليو 2007م الموافق 15 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً