تفوقت الانتخابات الفلسطينية ديمقراطيا على مثيلاتها العربية، وذلك على رغم التدخلات الأمريكية الفجة، بضخ المال لجهة ضد حماس، إلا أن خيارات الجمهور الفلسطيني العريض أكد انتخاب حماس الرائدة... حماس القائدة، حماس النظيفة من كل أثم وفساد عم أوصال م.ت.ف، فالأخيرة تعامدت عليها أسنة الفساد من كل حدَب وصوب، ولم يكن من خيار شعبي أمام الشعب الفلسطيني إلا اختيار حماس النظيفة.
مازلت أذكر حينما كنت مع أحد المفكّرين العرب، وتلقى مكالمة هاتفية من أبو الوليد خالد مشعل -حفظه الله-، وهو يسأل ويشاور المفكّر عن الرأي حول ما جرى من فوز ساحق لممثلي حماس... وكم كان الرأي الذي يجب أن يتخذه هذا المفكر، وهو العارف بألاعيب السياسة واستراتيجيات خصوم حماس في الداخل والخارج، أقول كم كان الرأي الذي يجب أن يقوله هذا المفكّر في تلك الحال صعبا. إذ في نشوة الانتصار يتطلب الأمر أكثر وقتا ونضجا من أن يقال في عجالة هاتفية. وكان كذلك، إذ سكت المفكر برهة، وقال لأبي الوليد: سأعاود الاتصال بك لاحقا. طرق ذهنه وقال لي ما رأيك؟
قلت: هل يقطع رأي أو يسدى قول بحضورك، وهل يفتى ومالك في المدينة؟!
كان هذا المفكر يدرك أن فوز حماس سيورثها عداء محموما من الداخل والخارج، وما هي إلا سويعات حتى تم تطويق فوز حماس من كل حدَب وصوب، وتم استغلال الدعايات والإشاعات المغرضة ضد حماس بشتى الأساليب وأقذرها.
فمن تجميد الأموال إلى الحصار الدولي إلى مضايقات بقايا المافياوات المتوغلة في السلطة، إلى أن بلغ أمر العصابات مبلغا خطيرا، وتعاضدت مع الغاصبين في استخبارات الكيان الصهيوني، ومروجي الفجور الأمريكاني، فكان الانقضاض على شرعية حماس هو الهدف النهائي.
وبعد التي واللتيا حوّط العاهل السعودي برعايته الخلافات بين الطرفين (فتح وحماس)، إلا أن المافياوات الدحلانية وغيرها لم يرق لها ذلك، فهي تقتات على مصالح العداء بين الاثنتين. وكان أن سيطر التيار الدحلاني الانقلابي الفاسد على تلابيب فكر ووسيلة «ابومازن»، وجرجروه معهم ناحية الاستنفار ضد شرعية حماس، وتقويض الأمن وإشاعة الرعب في غزة والضفة، فما كان الأمر الذي بيد حماس أن تفعله في تلك اللحظة الفاصلة؟!
أما وقد ساءت الأمور وبلغت القلوب الحناجر، وأما وقد جاءت حماس بانتخابات حرة ونزيهة شهدها العالم من أقصاه إلى أدناه، فالقول الفصل أنه «لا شرعية دون حماس».
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1784 - الأربعاء 25 يوليو 2007م الموافق 10 رجب 1428هـ