جاء في تقرير نشره موقع الإذاعة الهولندية على الإنترنت أخيرا، أن الرجال الهولنديين لايزالون يتقاضون أجورا أعلى من النساء بما يقارب 20 في المئة. ويبدو أن المساواة في الأجور، كما جاء في ذلك التقرير»لاتزال أمنية بعيدة المنال في هولندا الحديثة، على رغم التشديد على الحقوق المتساوية بين الرجال والنساء في البلاد. إذ لايزال هناك فرق كبير في الأجور بين الرجال والنساء الذين يقومون بالوظيفة نفسها. ووفقا لمؤشر الأجور للعام 2007، فإن دخل الرجال الهولنديين أعلى من دخل النساء بما لا يقل عن 18 في المئة»,
هذه الحال النسائية الهولندية غير العادلة، تعيد إلى الأذهان اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف يوم 8 مارس/آذار من كل عام. ومعلوم أن هذا اليوم يخلد نضال عاملات النسيج اللاتي خرجن إلى الشارع ضد آلة القهر الطبقي والجنسي في مدينة شيكاغو الأميركية العام 1857، مطالبات بيوم عمل من 8 ساعات وبالمساواة في الأجر والحقوق مع العمال من الرجال. وشوه الإعلام البرجوازي هذا الاحتجاج الذي قدمت فيه العاملات صورا رائعة من الصمود والتضحية. وتخليدا لذلك أقر مؤتمر النساء الاشتراكيات المنعقد العام 1910 بكوبنهاغن باقتراح كلارا زتكين تحويل يوم 8 مارس إلى يوم عالمي للنساء يتناولن فيه قضاياهن ويتدارسن فيه أوضاعهن وينظمن صفوفهن من أجل نيل حقوقهن، والمضي قدما نحو تحقيق تحررهن التام من العبودية التي يعشن فيها.
ولئن تمكنت النساء خلال مسيرتهن الطويلة منذ مطلع القرن الماضي من تحقيق العديد من المكاسب شملت الجوانب الاجتماعية والسياسية والحقوقية والثقافية على حد سواء، فإن ذلك لم يحررهن بعدُ من الاضطهاد الذي يعانين منه.
ويكفي في هذا المجال أن نقدم جملة من الأرقام الواردة في تقارير أممية بشأن أوضاع النساء في العالم، من بينها تقارير «برنامج الأمم المتحدة للتنمية» (2000) والمكتب الدولي للعمل (2000) وغيرها حتى ندرك أن ثلثي الـ867 مليون أمي راشد هم من النساء، وأن ثلي الأطفال الذين لا يذهبون إلى المدرسة هم من الفتيات. كما تقوم النساء بثلي إجمالي العمل في العالم ولكنهن لا يتلقين سوى 10 في المئة من الدخل العالمي. وفي العام 1999 لم تتحصل النساء العاملات إلا على 40 إلى 80 في المئة من الأجور التي يتلقاها الرجال للعمل نفسه. ويمثل النساء أكبر ضحايا الحروب. فهن يمثلن حوالي 80 في المئة من بين 27 مليون لاجئ الذين وقع احتسابهم في العالم. وفي العام 1995 قدّر «برنامج الأمم المتحدة للتنمية» عمل النساء المنزلي غير الخالص بـ 11000 مليار دولار، أي ما يعادل نصف الدخل العالمي الخام المقدر بـ 23 مليار دولار. أما على الصعيد الإقليمي فإن نسبة بطالة النساء في الاتحاد الأوروبي مثلا تفوق 30 في المئة نسبة بطالة الرجال. ولايتلقى منحة بطالة سوى 33 في المئة من النساء مقابل 50 في المئة من الرجال. وفي إفريقيا يقوم النساء بـ 75 في المئة من الأعمال الفلاحية ولكنهن لايتلقين سوى 10 في المئة من القروض المسندة إلى الفلاحين الصغار و15 في المئة من إجمالي القروض الفلاحية. وفي جنوب شرقي آسيا هناك 70 مليون امرأة وطفلا خلال العشر سنوات الأخيرة ضحية لـ»التجارة الجنسية». وخلال الأزمة التي ضربت تايلاندا العام 1998 كان 80 في المئة من المليوني نسمة الذين فقدوا عملهم من النساء. وأخيرا، كانت أجور النساء في المكسيك تمثل 80 في المئة من أجور الرجال العام 1980 فنزلت إلى 57 في المئة على إثر الأزمة التي ضربت البلاد العام 1992.
المحزن في الأمر، عدم تغير أوضاع المرأة حتى في بداية هذه القرن عن تلك التي كانت تعاني منها في نهاية القرن الماضي، فحسب ما ورد في تقرير صدر في العام 2004 عن منظمة العمل الدولية، ان النساء يدخلن سوق العمل بأعداد قياسية، إلا أنهن يواجهن نسبة أعلى من البطالة ويعملن مقابل أجور متدنية ويمثلن حوالي 60 في المئة من الـ550 مليون من العمال الفقراء. وأفاد تقرير منفصل بشأن الجهود التي تبذلها المرأة للحصول على الوظائف القيادية، يبقى بطيئا وغير متساوٍ وفي بعض الأحيان محبطا. وقال المدير العام لمنظمة العمل الدولية حينها، إنه ينبغي أن تحصل النساء على فرص متساوية نحو الوصول إلى أعلى الوظائف في السلم الوظيفي، كما أنه لن يكون من الممكن تحقيق أهداف الألفية في التنمية نحو خفض الفقر إلى النصف بحلول العام 2015 في معظم مناطق العالم، ما لم يحصل أي تطور نحو انتشال المرأة من الفقر عبر خلق استخدام منتج ولائق. وقال تقرير المنظمة إن نسبة النساء العاملات اليوم هو أعلى من أي وقت مضى، ففي العام 2003 بلغ عددهن 1.1 مليار عاملة من اصل 2،8 مليار عامل، آو ما يعادل 40 في المئة من مجموع العمال.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1783 - الثلثاء 24 يوليو 2007م الموافق 09 رجب 1428هـ