العدد 1780 - السبت 21 يوليو 2007م الموافق 06 رجب 1428هـ

الخصخصة (1/3 )

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

نقلت صحيفة «الوسط» في عددها الصادر يوم أمس (السبت) الموافق 21 يوليو/تموز الجاري خبرا نصه: «نظم موظفو البريد اعتصاما حاشدا أمام إدارة البريد بالقرب من دوار باب البحرين في المنامة عصر أمس، للمطالبة بتحسين أوضاعهم المهنية والمعيشية، واعتماد كادر وظيفي جديد، مع تزايد المهمات الملقاة على عاتق الموظفين، وجددوا رفضهم لسياسة الخصخصة».

إلى هنا ينتهي خبر «الوسط» . باتت الخصخصة موضوعا يشغل بال البحرينيين كثيرا، وكثيرا ما تتردد هذه المفردة في تصريحات المسئولين والمختصين في قضايا الاقتصاد، ويتم تناولها على انها الأساس السليم الذي يتم في ضوئه التطوير الاقتصادي للبلد من خلال تشجيع الاستثمار المحلي والعالمي، إذ لايكفون، في تصريحاتهم تلك عن التأكيد بأنه سيكون مرافقا لنزوع الدولة نحو تخصيص الكثير من المرافق العامة مثل، خدمات الكهرباء والمواصلات، ومن بينها البريد الذي اعتصم موظفوه احتجاجا على الحديث عن خصخصته.

لكن قبل الحديث عن الخصخصة وتسليط الضوء على تعريفاتها وأشكالها، لابد من الإشارة، ولو بشكل سريع إلى ما يحاول البعض أن يروج له على أنه خصخصة، بينما هو بعيد كل البعد عنها. فمفاهيم الخصخصة لاتنحصر في نطاق ضيق يمثل انتقالا من الاقتصاد الموجه الى اقتصاد السوق، كما يحلو للبعض ان يسمي ذلك. فالوضع الاقتصادي، في البحرين، وعلى مدى عقود طويلة كان يخضع كما هو معروف لسطوة سلطة الفرد ورؤيته الاحادية، ولم يكن هنالك دستور ملزم يفرض هيكلة اقتصادية دون غيرها، فضلا عن غياب المؤسسات والآليات الفاعلة والموجهة. وفي ضوء ذلك يمكننا القول ان ما كان قائما في ظل الأنظمة الشمولية لايعدو كونه ممارسات ارتجالية وقرارات سطحية يجري تمريرها خلف واجهات وزارية. وبالتالي فإن المشروع الاقتصادي الذي يراد له ان يقوم على أنقاض مثل ذلك الواقع هو مشروع تأسيسي وليس عملية انتقالية وتحولية. كما ان تعميم الخصخصة وإخضاع القطاع العام إلى آلياتها وعواملها الإدارية والفنية المعروفة يمثل مرحلة خلق جوهرية لإصلاح اقتصادي كفيل بملء الفراغ الهيكلي الذي ظل يعاني منه الواقع الانتاجي والاستثماري والتجاري في البلاد لعقود طويلة.

وتوصف عملية الخصخصة اليوم بأنها ظاهرة عالمية، ويرجع تاريخ أول عملية للخصخصة في العالم، بمعنى قيام شركة خاصة بخدمة عامة كانت تطلع بها مؤسسة حكومية، يرجع إلى سماح بلدية نيويورك لشركة خاصة بأن تقوم بأعمال نظافة شوارع المدينة العام 1676، أما استخدام الخصخصة كسياسة اقتصادية أو وسيلة عملية لإحداث تحول مبرمج في اقتصادات الدول فبدأ في السبعينيات من القرن العشرين.

وتعني الخصخصة في التعبير الاقتصادي، نقل الملكية العامة أو إسناد إدارتها إلى القطاع الخاص. وتأخذ الخصخصة أسلوبين، الأول: هو بيع أصول مملوكة للدولة إلى القطاع الخاص، والثاني: أن تتوقف الدولة عن تقديم خدمات كانت تطلع بها في السابق مباشرة، وتعتمد على القطاع الخاص في تقديم تلك الخدمات.

وكلمة الخصخصة صار لها، اليوم أكثر من دلالة سياسية لارتباطها بإنجاز عملية التحول الاقتصادي والاجتماعي في الدول التي كانت تتبع التخطيط المركزي، وكذلك ما تستهدفه الخصخصة من تسهيل اندماج الدول النامية في الاقتصاد العالمي، وإعادة هيكلة اقتصاداتها لتتماشى مع نمط وآليات الاقتصاد الحر. وأصبحت الخصخصة من البنود الأساسية التي يتبناها كل من البنك والصندوق الدوليّين كإحدى المعالجات للأوضاع المالية المتدهورة في الدول النامية، إذ تمثل الملكية العامة في الدول النامية حوالي 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط، الأمر الذي يدل على أن هناك العديد من المؤسسات العامة لاتزال في أيدي الحكومات.

وهناك سياستان رئيسيتان للوصول الى الخصخصة: الخصخصة التلقائية: وهي عملية تشجيع للقطاع الخاص ودعمه بشكل يؤهله لزيادة ثقله في الاقتصاد القومي، على ألا تؤثر هذه العملية على أنشطة القطاع العام. ويعتمد هذا الأسلوب على تنفيذ الدولة لوسائل تحفيزية تشجع القطاع الخاص، مع تهيئة القاعدة الاقتصادية لنموه وتهيئة الوسائل الملائمة للاستثمار، والخصخصة الهيكلية: وهي عملية تقليص دور القطاع العام الكبير نسبيا، من خلال بيع بعض مؤسساته الانتاجية أو الخدمية، ويتطلب هذا الأسلوب عادة فترة طويلة من الزمن ما يكفي لقيام جميع المؤسسات الحكومية لتعديل خططها الاستثمارية، ويتبع هذه الاجراءات اجراءات تصفية المؤسسات العامة التي يثبت عدم جدوى إصلاحها من دون ان يؤثر ذلك في الاعتبارات السياسية والاجتماعية.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1780 - السبت 21 يوليو 2007م الموافق 06 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً