العدد 1775 - الإثنين 16 يوليو 2007م الموافق 01 رجب 1428هـ

فتاوى «رضاعة الفتن»!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في أثناء حرب تموز، نشر الكاتب المصري رفعت سيد أحمد مقالا قال فيه إن «أحد شيوخ النفط أفتى بأن نصرة حزب الله فى حربه المقدسة ضد العدو الصهيونى حرام، وأنه لا يجوز الدعاء له، لأنه خارج عن ملة الإسلام»!

سيّد أحمد طالب بـ «نزع سلاح المقدسات والفتاوى من أيدى الجهلة»، لكن لم يخطر بباله أنه بعد أقل من عام، سينشغل العالم العربي كله لعدة أسابيع، بفتوى أشد غرابة تنطلق من بلده، ومن رئيس قسم الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف، إذ أباح رضاعة الموظفين من زميلاتهم تجنبا للخلوة الشرعية، ما أثار استهزاء بدين الله وسخرية بسنة رسوله (ص).

أما يوم الجمعة الماضي، فقد انفردت إحدى الصحف بنشر اثنتين من الفتاوى التي ما أنزل الله بها من سلطان، على ضوء مقال هزيل في صحيفة إيرانية مسّ كرامة شعب البحرين.

«المفتي» الأول حكم بأن من «آمن» بما جاء في المقال فإنه من الخوارج، واستمهله ثلاثة أيام للتوبة وإلاّ فيُعرض على السيف، وربما تمنى لو يُعدم رميا بالرصاص، أو شنقا أمام باب البحرين! وكان من الواضح أنه كان يحلم بتنفيذ هذه الأمنية الدموية ولو في شخص واحد، ولكن خيّب الله أمله، فلم يخرج من بين 750 ألف بحريني ولا شخص واحد «يؤمن» بتبعية بلاده لإيران ولا لغير إيران!

صاحب فتوى رضاعة الموظفات اعتذر وتراجع عن فتواه المريبة التي قامت على قياس خاطئ بين الأطفال والرجال، أما عندنا فقد تجرأ البعض على الله ورسوله بالإتيان بمثل هذه الفتوى التي تنم عن أحلام صاحبها الدموية ذات النزعة الاستبدادية الظاهرة.

أما الفتوى الثانية فقد صدرت عن شيخ صوفي، فشل في الانتخابات البرلمانية الماضية! والصوفيون لا يتدخلون في السياسة عادة، ولكن صاحبنا خالف منهجه وقناعاته ومعتقداته الراسخة عندما رشح نفسه في انتخابات العام الماضي، ويبدو أن هناك رغبة في العودة إلى الأضواء ولو من باب الجرأة بالإفتاء في شأن سياسي على مستوى العلاقات بين الدول!

الفتوى «الصوفية» والحق يقال، كانت أقل عنفا ودموية ومازوخية، إذ حصر الشيخ العقوبة بتعزير الأفراد الذين «شاع أنهم تجاوبوا مع المقال»! و«الراجل» بنى فتواه على شائعات، ويبدو أن هناك من غشّه وسرّب إليه معلومات «فاسدة» عن تعاطف بعض البحرينيين مع المقال الركيك!

الطريف أن المفتي الصوفي بعد أن أصدر حكمه الواضح بالتعزير، أضاف: «نحتاج إلى أن نقف على حقيقة الكلام وألفاظه، حتى نستطيع أن نعطي حكما واضحا»... يعني «تيتي تيتي... زي ما رحتي جيتي»!

من حق الرأي العام البحريني أن يحاسب أدبيا، من يقومون بـ «تسييس الفتاوى»، والبحث عن الشركاء الآخرين في «فوضى الفتاوى»، وسط صمت وزارات الدولة المعنية (العدل والشئون الإسلامية وحتى الإعلام) عن هذه الجرأة على دين الله وسنة رسوله، ما يعد تشجيعا لهذه الفئة المستهترة بالدين والسلم الأهلي، منذ أن وقف الخطيب ذاته يدعو ذات يوم على نصف الشعب البحريني بالهلاك في يوم أسود.

إن رئيس التحرير شريكٌ في فوضى الفتاوى، إلى جانب «المحرر السياسي» أو «البرلماني» الذي يطير فرحا حين ينشر مثل هذه الفتاوى الشاذة، دون مراعاة للعقل أو الضمير أو إحساس بالمسئولية.

تلوم من وتعاتب من؟ فوضى في الفتاوى، وخوضٌ في دين الله بالباطل ، وتلاعبٌ بأحاديث رسوله (ص)، وكلهم موقوفون غدا ومحاسبون أمام الله، من كفّر مسلما أو أباح رضاعة المسلمات المحصنات، أو أفتى من عنده ارضاء لنزعة المماحكات السياسية الوضيعة، فمتى ينزع سلاح المقدسات والفتاوى من أيدى الجهلة والفاشلين في الانتخابات؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1775 - الإثنين 16 يوليو 2007م الموافق 01 رجب 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً