العدد 1772 - الجمعة 13 يوليو 2007م الموافق 27 جمادى الآخرة 1428هـ

أزمة الدولار 1/3

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ارتفع اليورو مجددا أمام الدولار ليبلغ 1.38 دولارا وسط مخاوف من ضعف أداء الاقتصاد الأميركي. ويخشى المتعاملون في الأسواق من أن يؤدي التباطؤ في سوق العقارات الأميركية إلى تأثيرات سلبية أوسع على الاقتصاد الأميركي. أما الجنيه الاسترليني فقد بلغ سعر صرفه 2.03 دولار، وهو أعلى سعر للاسترليني مقابل الدولار منذ 26 عاما.

وأوضح المحلل المالي في بورصة لندن ديفيد جونز، إن سوق العملات تأثرت كثيرا بعامل واحد، وهو الانهيار المحتمل في بعض أنواع القروض العقارية الأميركية، والتي يطلق عليها SUBPRIME. وهذا النوع من القروض العقارية يمنح لأصحاب الدخول المنخفضة أو من يتصفون بجدارة ائتمانية منخفضة، وذلك بمقابل سعر فائدة مرتفع. وأظهرت الإحصاءات أن هذا النوع من القروض بلغ مستويات قياسية.

كما أن نسب الإخفاق في سداد القروض العقارية، وما يترتب عليها من قيام المصارف والشركات المانحة للقروض بطرد المقترضين من العقارات، بلغت رقما قياسيا في الولايات المتحدة هذا العام.

في حقيقة الأمر، تقف أسباب كثيرة وراء هذا الهبوط غير المفاجئ للعملة الأميركية، من بين أهمها قيام كل من المصرف المركزي الأوروبي وبنك انجلترا برفع سعر الفائدة على اليورو والجنيه الإسترليني الأمر الذي ساهم في رفع سعر صرف العملتين مقابل الدولار. وكان المصرف المركزي الأوروبي قد رفع سعر الفائدة من 2 في المئة إلى 4 في المئة في 18 شهرا، وقرر البنك تثبيت سعر الفائدة الشهر الماضي. أما بنك انجلترا فرفع سعر الفائدة إلى 5.75 في المئة، ويتوقع المحللون مزيدا من الارتفاع في سعر الفائدة على الإسترليني بنهاية هذا العام، وذلك بهدف الحد من الضغوط التضخمية. وبالمقابل فإن سعر الفائدة على الدولار بقي عند 5.25 في المئة بعد آخر اجتماع لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

أما السبب الثاني فهو إصرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على الإبقاء على سعر الفائدة على الدولار عند مستواها الحالي بهدف تشجيع الاستثمار وزيادة التوظيف.

ويخص السبب الثالث وراء الهبوط المستمر بسعر صرف الدولار، اقتصاد الولايات المتحدة نفسه الذي يشهد حاليا فترة انتقالية حساسة قبيل انجاز مهمة القضاء على الارتفاع بجدول الأسعار، إذ يأتي ذلك على حساب النمو الاقتصادي الأخذ بالهبوط، مع استمرار العجز العام في الموازنة العامة للولايات المتحدة، الناجم عن ارتفاع مصروفاتها المخصصة لتمويل الحروب في العراق وأفغانستان.

ورابع تلك الأسباب هو بدء بضعة بنوك مركزية لبعض الدول في صراعات اقتصادية أو سياسية مع الولايات المتحدة، مثل إيران والصين، بتبديل الدولار كعملة أساسية في خزيناتها بالعملة اليورو - الأوروبية، وطرح كميات هائلة من الدولارات للبيع، ما يضعف قوة الدولار.

ولابد لنا هنا من أن نأخذ في الاعتبار أن الدولار مسنود أصلا من قبل البنك المركزي في الولايات المتحدة، لأنه حدد له نسبة فائدة أساسية عالية في الولايات المتحدة (5.25 في المئة) ضمن إطار حربه على الارتفاع بجدول الأسعار، ومع بدء الخفض بنسبة الفائدة في الولايات المتحدة، خلال الأشهر القريبة، من الطبيعي أن نتوقع تسارعا آخر في تدهور سعر الدولار.

ومن الناحية التاريخية بدأ اقتراب اليورو الأوروبي من معادلة الدولار منذ العام 2002 مع هبوط العملة الأميركية تحت وطأة فضيحة محاسبية جديدة هزت أسواق الأسهم العالمية، وسط شكوك بشأن سياسة الصرف الأجنبي التي تتبعها واشنطن. وشق اليورو طريقه حينها بسهولة صاعدا إلى 0.9941 دولار بزيادة 1.5 في المئة عن سعره يوم 25 يونيو/ حزيران 2002 مسجلا أعلى مستوى منذ فبراير/ شباط 2000، في أعقاب اعتراف شركة وورلد كوم (Worldcom) الأميركية العملاقة للاتصالات بأنها بالغت في أرباحها.

حينها قال متعاملون إنه من المرجح أن يشهد الدولار مزيدا من الخسائر وخصوصا في أسواق التعاملات الإلكترونية. وقتها قال الرئيس الأميركي جورج بوش، الذي كان يشارك في قمة مجموعة الثماني المنعقدة في كندا، إن الدولار سيحدد مستواه بحسب قوى السوق «وبناء على مدى قدرة بلادنا على الحد من الإنفاق والانتعاش وتنشيط قاعدتنا الصناعية».

ورد المتعاملون في أسواق العملات على تصريحات الرئيس الأميركي تلك بأنهم «يتحسبون لاحتمال تدخل بنك اليابان المركزي من جديد بسبب استمرار قلق طوكيو من قوة الين وأثره الضار على الصادرات». وكان البنك المركزي الياباني قد تدخل في أسواق الصرف في وقت سابق من هذا الأسبوع. وقدر المتعاملون مشتريات البنك المركزي بنحو أربعة مليارات دولار.

وتوقع محللون حينها أيضا، ان حجم هبوط الدولار قد يقلق مصارف مركزية أخرى تخشى امتداد أثر الاضطراب إلى أسواق أخرى. واستبعدوا أن يرفع مجلس الاحتياطي اليفدرالي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1772 - الجمعة 13 يوليو 2007م الموافق 27 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً