العدد 1763 - الأربعاء 04 يوليو 2007م الموافق 18 جمادى الآخرة 1428هـ

أدوات للفرز الطائفي

رحلة إلى بغداد (3)

علي الشريفي Ali.Alsherify [at] alwasatnews.com

-

التأجيج أو التعايش الطائفي والعرقي غالبا ما يتأتى من المناطق المختلطة؛ ربما لأنها تعد خط التماس المباشر بين الطوائف والأعراق، وبغداد إحدى هذه المناطق؛ إذ يتجمع فيها السني - الشيعي، العربي - الكردي، المسلم - المسيحي، وغيرهم من الإثنيات والعرقيات.

لأن القضية الطائفية صارت هاجس العراقيين، فقد صار لزاما على البغداديين الاستعداد لأية احتمالات قد تشكل خطرا عليهم، فتراهم يحاولون بأشكال شتى معرفة من هم من الطائفة الأخرى سواءٌ أكان في مناطق سكناهم أم في أماكن عملهم، وإذا كانت الأسماء أحد أهم ملامح الفرز الطائفي فإن الكثير من العراقيين ربما بسبب التعايش التاريخي والتزاوج المختلط تجاوزوا هذا الفرز، إذ أصبحت أسماء مثل علي وحسين وحيدر من بين أهم الأسماء المشهورة عند السنة، حالهم حال الشيعة الذين لا يترددون في اختيار أسماء عمر وعثمان ووليد وخالد لأطفالهم، فماذا بقي من وسائلَ للفرز الطائفي؟

الملابس تعد من بين أهم ملامح هذا الفرز، فمن يلبس «شماغا» أحمرَ أو أبيضَ فهو محسوب على السنة، أما «الشطفة» السوداء أو الخضراء فهي إحدى علامات المذهب الشيعي.

كما الرجال فللنساء أيضا أزياؤهن، فمن ارتدت حجابا على ملابسها العادية فهي شيعية، أما من اختارت حجابا مع معطف صيفي أو شتوي فهي سنية بـ «امتياز».

المضطر من البغداديين إلى الذهاب إلى المناطق التي أغلقت مذهبيا، عليه أن يستعد جيدا لأي احتمال غير محسوب العواقب، قد يكشف عن هويته فتكون سببا لخطر محتم، ومن بين أهم الاحتياطات التي يجب أن تتخذ، الانتباه إلى ما هو مخزون في جهاز المحمول، الذي قد يكون منقذا من المتشددين أو وسيلة لإنهاء الحياة.

جهاز المحمول صار في بغداد أو ربما في العراق كله يمثل الهوية الحقيقية لأي شخص، فمن وجد في محموله قائمة بأسماء عشائر جنوبية فهو شيعي، ومن وجد في جهازه المحمول أسماء لعشائر من المنطقة الغربية فهو سني، ولكن الأخطر أن يكون مخزونة في المحمول مشاهدُ أو صورُ لعمليات تطهير طائفي وما أكثرها الآن في العراق. مشاهدُ الهدفُ منها تأجيج التطرف الطائفي بين جميع مكونات الشعب العراقي من دون استثناء، والأخطر ما فيها أن ضحاياها أطفال، إمعانا في تسميم الوضع المتأزم أصلا.

هذه هي أهم الأدوات المتبعة للفرز الطائفي في بغداد، وهي متجددة باستمرار وبحسب استعداد العراقيين لابتكار وسائل تنجيهم من المتشددين، ولكن هذا الفرز يبقى عاجزا إذا تصادف والتقى غريبان في بغداد يمران من الشارع نفسه يرتديان أزياء ليست عربية، واقصد (سروالا وقميص مثلا) حينها لا مفر أمام الاثنين إلا تبادل التحية ومعها ابتسامة خفيفة يمكن أن تفسر من دون عناء أنها لاتقاء شر بعضهما بعضا، وهذا ما حدث معي مرات عدة.

إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"

العدد 1763 - الأربعاء 04 يوليو 2007م الموافق 18 جمادى الآخرة 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً