العدد 176 - الجمعة 28 فبراير 2003م الموافق 26 ذي الحجة 1423هـ

لماذا يجب أن يأخذ المسلمون حديث بوش بجدية؟

روبرت فيسك comments [at] alwasatnews.com

آه، لو تكون فلسطين دولة فعالة! إن كلمة «فعّالة» أصبحت الآن هي الأولى والأخيرة في السياسية الأميركية تجاه فلسطين. أخبرنا بوش بأن فلسطين «ستكون دولة فعالة في جزئها». وأضاف: «بينما تم القضاء على تهديد الارهاب واستتب الأمن، فإن الحكومة الإسرائيلية الجديدة يتوقع منها أن تدعم تكوين دولة فلسطينية فعالة».

حسنا، بما ان رئيس الوزراء الإسرائيلي، ارييل شارون قال إن الفلسطينيين ربما يحصلون فقط على 50 في المئة من الضفة الغربية، وأصحابه في حكومة الائتلاف الإسرائيلي الجديدة يدعمون إقامة مستوطنات أكثر في المنطقة نفسها، فلماذا يجب أن يأخذ المسلمون حديث بوش مأخذ الجد؟ طبعا، هم ليسوا كذلك. فكلمة بوش نوع جديد من الخديعة للعرب لدعم الغزو الأميركي للعراق أو على الأقل لكي يرضخوا له.

ذكر الرئيس بوش كلمة «النفط» أكثر من مرة على رغم ان هناك مرة واحد ذكر فيها «الأراضي المحتلة» (أو «ما يسمى الأراضي المحتلة» كما قال رامسفيلد). ولكن بمجرد ان تحتل أميركا العراق، ما الحجة التي يطلقها العرب ضد «إسرائيل»؟ إذا كانت الضفة الغربية محتلة، فتلك هي العراق أيضا. إذا احتلت الولايات المتحدة العراق من أجل إنقاذ العالم من الارهاب، فلماذا لا تحتل «إسرائيل» الضفة الغربية لحماية نفسها من الارهاب؟

قليلون هم الذين يفهمون ويقرأون هذه المعادلة الخطرة... كانت كلمة الرئيس بوش في مناسبة «انتربرايز انستتيوت» مكتوبة بلغة إسرائيلية. يقول الرجل: «إذا فرضت علينا الحرب بسبب الرفض العراقي لنزع السلاح، فسنلتقي مع عدو يخفي قواته خلف المدنيين، ولديه أسلحة مروعة ومستعد لارتكاب أية جريمة». هذه بالضبط لغة شارون.

إن المعادلة الوحيدة التي يتوقع ان تفهمها الدول العربية يحتويها الاقتراح المشئوم بواسطة بوش، بأنه بعد الإطاحة بنظام صدام، ستعطى الأنظمة الأخرى تحذيرا واضحا بأن دعم الارهاب سيكون غير مقبول. بالأساس هذه رسالة معنية بها سورية، ثم إيران، ثم أية دولة أخرى لا تركع أمام الأميركيين.

ولدعم هذا التوجه مطلوب منا أن نصدق ـ وحتى العرب في الشرق الأوسط مطلوب منهم أن يصدقوا ـ انه في العراق يوجد دكتاتور يطور ويخفي أسلحة تمكنه من السيطرة على «الشرق الأوسط» وتدمير العالم المتحضر، الرجل نفسه لديه روابط وعلاقات مع منظمات ارهابية ويستطيع أن يزودها بوسائل مرعبة لضرب هذه الدولة أو تلك.

أما إذا كان الشأن متعلقا بكوريا الشمالية فقد طلب منا نسيان الحديث عن «تغيير النظام».

من الواضح ان العرب مهتمون بـ «التحالف المكون من 90 دولة» حتى أدركوا ان «التحالف» معني فقط باعتقال المشبوهين في القاعدة، وليس التخطيط لغزو العراق. وعندما قال بوش إن الولايات المتحدة اعتقلت أو بمعنى آخر تعاملت مع كثير من قادة القاعدة، كانت هناك بسمة أو بسمتان على وجوه بعض الدكتاتوريين أصدقاء أميركا العرب كافية أن تكفر عنهم. وهكذا يمكننا ان «نذهب إلى عراق حر ومسالم» كما أخبرنا بوش.

وأضاف: «ان حياة العراقيين وحريتهم تهمنا كثيرا»، متى كان ذلك؟ عندما كان الرجال في العراق يتم سلبهم والنساء يتم اغتصابهن في غرف تعذيب نظام صدام في العام 1983م؟! حنيها جاء رامسفيلد إلى بغداد يطلب من صدام إعادة فتح سفارة الولايات المتحدة؟!. إعادة بناء العراق يتطلب التزاما دائما من كثير من الدول. ولكن أن يقول بوش: «سنبقى في العراق أطول فترة ممكنة وضرورية وليس أكثر من ذلك».

هذه لعمري هي اللغة نفسها التي استخدمتها «إسرائيل» عندما غزت لبنان العام 1982، وكلفت «إسرائيل» 22 سنة وحياة مئات الجنود الإسرائيليين وآلاف الأرواح العربية قبل ان ينتهي الاحتلال.

إنه لأمر غريب أن يحارب بوش من أجل تحرير شعب محتل ومضطهد و لكنذلك الشعب ليس هو الشعب الفلسطيني

العدد 176 - الجمعة 28 فبراير 2003م الموافق 26 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً