العدد 176 - الجمعة 28 فبراير 2003م الموافق 26 ذي الحجة 1423هـ

حزمة القوانين الملقاة بدأت تربك الحرية المرتقبة

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

اصبح المواطن البحريني يعيش أزمة قانون... ومازلنا نخرج من أزمة إلى أزمة... وتلك هي مشكلة القوانين البحرينية وظاهرة ثقافة الاشتغال والانشغال التي كان لها التأثير الكبير لاحباط جزء من المعارضة في الدخول الى اللعبة البرلمانية.

ظاهرة الاشتغال والانشغال تسربت حتى علقت بالقوانين... قانون تنظيم الصحافة الذي بات يسمى بقانون تأميم الصحافة الى قانون النقابات الى قانون الإجراءات الجنائية الذي هو الآخر جاء على قاعدة خذوه فغلوه فقد تفاجأ المحامون من سرعة نشره هو الآخر في الصحيفة الرسمية وأثار جدلا واسعا، فعلى رغم بعد إضاءاته فإنه لا يختلف عن أخيه قانون الصحافة من إشكالية «التأديب» أو لغة الانتقاص من حقوق المواطن.

قانون الصحافة يفرض تأديبات للصحافي ومحاكمته في جمعية الصحافيين ومرمرته وبهدلته أيضا عبر سن مواد زئبقية مطاطية لا تكاد تمسكها من الذيل حتى بادرت لتطلع لك من الرأس وهكذا... يجب ألا يشعر المواطن انه دائما في صراع للحصول على حقوقه الدستورية أو القانونية، فذلك أمر يضعف من صدقية أداء السلطة التنفيذية ويشعر بان مثل هذه القوانين عقبة توضع في طريق الحرية.

فحتى قانون الإجراءات الجنائية هو الآخر ينتقص من صلاحية النيابة العامة التي باتت صامتة هي الأخرى أمام أول اختبارين لها، واتضح ذلك في الاحكام القاسية التي طبقت على ضحايا شارع المعارض وقضية ما سمي بالخلية، فالنيابة العامة لم يكن لها دور في كل ذلك واخذت تنظر وكأنها ليست أمام قضية كبرى اختلطت فيها السياسة بالإعلام، بالتضخيم، بالصحافة، بالمحسوبية.

إذن النيابة كانت نائمة والقانون أيضا هو الآخر انتقص من صلاحياتها، مثال على ذلك حق الشرطي في الاحتفاظ بالمتهم لمدة 48 ساعة. فملاحظة المحامين ان هذا الوقت يعتبر كبيرا في بعض الجنح التي يمكن ان تكون عقوبتها الغرامة.

منع المحامي من الكلام قد يحول هذا المحامي الى شاهد. كما وان القانون أعطى النائب العام صلاحية الفصل في حبس المتهم 3 أشهر من تاريخ التوقيف.

الطامة الكبرى ان بعض بنود هذا القانون يقر بتفتيش المنازل وهذا امر يعارض الدستور ذاته... إذن هناك تضاد وتباين إضافة الى بنود أخرى.

اذن الملاحظات هي ذاتها التي اخذت على قانون الصحافة من تعارض بعض بنوده مع الدستور الى ركاكتها الى تحجيم وتخويف الصحف والصحافيين لجعلهم في هوس دائم من خوف التوقيف او الملاحقة أوالتأديب هذا الخوف بدأ يتكرر في قانون الإجراءات الجنائية ذاته، هذه الروح المتوجسة المتسربة عبر القوانين تعكس حال من الهلع والخوف من الحرية وكأن الحرية والتعددية شبحان يخيفان التطور... ان زيادة التلكؤ والخوف من الديمقراطية قد يجبرانا الى تقييد الحرية بما يضر تلك الصورة التي اعطيناها للعالم عما كنا نطمح إليه. ولم يكن خارجا عن السياق التوجسي تلك التعميمات التي صدرت من المؤسسة العامة للـ «شباب» والرياضة عندما راحت تذكر أنديتها الرياضية وليست طبعا الثقافية باللائحة النموذجية «للنظام الأساسي» للأندية والتي تشير الى «انه يحضر على الأندية الاشتغال بالمسائل السياسية، كما يجب إخطار الجهة الأمنية المختصة ويكون هذا الإخطار عن طريق الجهة الإدارية وهي المؤسسة العامة استنادا الى المرسوم رقم (21) في العام 1989.

السؤال الملح يبقى: إذا كانت الأندية ليست موقعا لتناول الثقافة والاشتغال بالهموم المحلية إذن أين يكون مكانها؟ ولعل ذلك هو سبب الضعف الثقافي الملحوظ في أكثر نوادينا... فالرياضي يعبّأ رياضة (روناندية) فقط من دون ان يحمل وعيا رياضيا أو ثقافيا...

نوادينا يجب ان تخرج من ذلك الواقع التسطيحي الى حيث الثقافة والفكر. لقد تم دعم موازنة المؤسسة العامة للشباب والرياضة بزيادة الموازنة بمقدار 2,7 مليون دينار في العام 2003 و2,8 مليون دينار للعام 2004.

هذه الزيادة التي تحسد عليها المؤسسة يجب ان تساعدها على نشر الثقافة أيضا إذن التعميم المذكور ذاته هو الآخر يصب في الروح التقييدية ذاتها وفي ظل هذا التعميم أطل علينا تعميم آخر إذ أصدر ديوان الخدمة المدنية تعميما للقطاع العام يحضر على النقابات العمالية (تحت التأسيس) «إنشاء نقابات داخل وزاراتهم»...

الشك المضحك والمبكي في الوقت ذاته هو هذا التفريق الذي ظهر في التعميم وهو التفريق بين القطاع العام والخاص وكأن العامل لا يعيش ازمة اضطهاد إلا في المؤسسات الخاصة وكأن الوزارات هي بمنأى عن ذلك.

لماذا يتم رفض إقامة نقابات عمالية لدى القطاع العام (الوزارات والمؤسسات التابعة للدولة)؟... نقول: إذا كان هناك إيمان بالحرية وبالديمقراطية فيجب ان يكون هناك إيمان بمبدأ إنشاء النقابات، وإذا كان هناك إيمان بهذا المبدأ يجب الا يتم التفريق بينهما. طبعا هذا التعميم يتعارض مع نص المادة رقم (10) من القانون والذي يتحدث عن تأسيس النقابات... لماذا إذن يمنع موظفو الخدمة المدنية من الانضمام الى النقابات؟ بل ان القانون لا يشترط لا موافقة وزارة العمل ولا ديوان الخدمة المدينة... لذلك المؤمل من النقابات العمالية (تحت التأسيس) والاتحاد العام لعمال البحرين وجميع المؤسسات الوطنية والصحافة أن تتبنى هذه القضية لان العامل البحريني في مثل هذه المؤسسات مازال يعاني من انتقاصٍ لحقوقه وهو بحاجة الى من يترافع عنه ولن يكون هناك من هو أكثر تأهيلا من النقابات العمالية.

قد يعتقد البعض ان هذه الروح المتوجسة من الحرية انتهت، أبدا فقد تفاجأ المحامون أخيرا بقرار صدر من وزير العدل «يخول أعضاء وأفراد جهاز الأمن الوطني والمنتدبين للعمل به صفة مأموري الضبط القضائي أي «القيام بعمل ذي صفة قضائية، مثل التحري عن الجرائم والانتقال الى مسرح الجريمة وجمع الأدلة والتفتيش...» طبعا تعليق بعض المحامين على القرار انه يعد تراجعا عن هامش الحرية ان زحمة هذه القوانين المتوجسة تظهر إشكالية عربية شرقية وهي تتمثل في التوجس من الديمقراطية.

طبعا لو وضعنا كل هذه القوانين مع القوانين السابقة والإجراءات التي تمت لكشفت عن ان هناك خوفا - طبعا غير مبرر - من الديمقراطية مثال على ذلك.

1- التغيير الدستوري انتقص من الحقوق الدستورية لدستور 73.

2- قانون (الاشتغال والانشغال) الذي الغي لاحقا. طبعا الصفة اصبحت أعرف من اسم القانون ذاته.

3- قانون تأميم الصحافة وإخافة الصحافي والصحف.

4- عرقلة تأسيس الاتحاد النسائي وإيجاد البديل عنه.

5- عرقلة تأسيس الاتحاد الطلابي والاقتصار على مجلس رسمي (المجلس الطلابي بديلا).

6- عرقلة إنشاء نقابة صحافية والضغط بقبول جمعية الصحافيين ذات الصفة الرسمية.

7- عرقلة إنشاء جمعية للمواقع الإلكترونية والالتفاف عليها بإنشاء اخرى ذات صفة رسمية.

8- قانون العفو العام قانون (67) عن مرتكبي الجرائم.

9- منع الأندية من الانشغال بالسياسة.

10- قانون الإجراءات الجنائية، إذ انتقص من صلاحية النيابة العامة.

11- منع إنشاء نقابات لموظفي الوزارات ومؤسسات القطاع العام.

في نهاية المطاف ما نريد ان نقوله: ان كل هذه القوانين تعمل على تقييد الحرية وتنتقص من تلك المكتسبات الحقوقية التي عمل الجميع على تحقيقها فان اتخام المواطن بمثل هذه المعوقات تؤدي الى تلكؤ الحرية وتعثر التعددية في البلاد في وقت نحن في أمس الحاجة الى فتح نوافذ أخرى لإزالة احتقانات تولدت بسبب الفساد المالي والإداري وشيوع المحسوبية وتكرس الفقر والبطالة والاغتراب السياسي

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 176 - الجمعة 28 فبراير 2003م الموافق 26 ذي الحجة 1423هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً