ما حصل في العام الماضي صدمة بكل المقاييس، نعم كانت بمثابة قنبلة انفجرت وخلفت ما خلفته من آثار ومن أضرار.
في العام الماضي وبعد الانتهاء من عمليات التسجيل وإعلان أسماء المقبولين في جامعة البحرين للفصل الدراسي الأول، انفجرت القنبلة فأيقظت الناس من سباتهم العميق، نتيجة الهزة القوية التي تركتها على البيوت والأسر، فضلا عن الطلبة أنفسهم حينما قست جامعة البحرين على الطلاب وحاربتهم في أحلامهم التي طالما حلموا بها وحالت دون تحقيق الأهداف، القنبلة كانت عندما اتخذت الجامعة قرارا جريئا ومخيفا في مضمونه بافتتاحها كلية التعليم التطبيقي، والخوف أصبح أكبر عندما مدت الكلية ذراعها وفتحت أحضانها للطلبة، فكان المقبولون بما نسبته 68 في المئة أي ثلثي عدد الطلبة المقبولين في الجامعة، بما فيهم المتفوقون الذين حصلوا على درجات تجاوزت الـ 90 في المئة، في تخصصات جديدة وفي كلية لا مصير لها سوى الاضمحلال جاءت نتيجة أهداف غامضة الأبعاد لعل من بينها تصحيح الأوضاع المالية للجامعة بحسب ما يقال ويردد على الدوام.
نضع هذه المرة أيدينا على قلوبنا ونرفعها للدعاء ونتمنى ونأمل أن لا يتكرر السيناريو من جديد هذا العام ونتمنى على الجامعة أن تكون قد أخذت درسا مفيدا من العام الماضي، و لتأخذ على نفسها ميثاقا لا لمزيد من التخبط والعشوائية، لاسيما أن رئيسها الحالي إبراهيم جناحي الرجل العقلاني المصلح واسع الأفق وكبير القلب المتواضع.
وأعتقد بأنه كان متابعا جيدا لحركة الجامعة حتى قبل تعيينه فيها رئيسا فما بال الآن وهو يرأسها ، بلحاظ الآمال الكبيرة المعلقة على رقبته بعد توليه عهد رئاستها وبعد ما آلت إليه الجامعة من تخبط وعشوائية، والسير بعيدا عن الإستراتيجية الوطنية، لا أشك لحظة واحدة في أنه، أي جناحي، يتطلع إلى نقل الجامعة من المساحة التي هي عليها الآن إلى مساحة أكثر بناء وتطورا، بنظرته الحانية على اخوانه وأخواته الطلبة والطالبات لن يبخل عليهم بالرعاية والاهتمام فهذا ما اعتدنا عليه منه.
نتألم كثيرا حينما نتكلم عن جامعة البحرين بسوء ونشعر بالوجع في الرأس لكونها الجامعة الوطنية الوحيدة التي لدينا، وعلينا أن نوفر لها أسباب نجاحها وتقدمها وسط التزاحم الجامعي بعد صخب الجامعات الأهلية الخاصة التي تعتمد أساسا على المتاجرة بالتعليم والاستثمار، فنحن نضطر حينها لنقدها ليس بغرض التقليل من شأنها ومن مكانتها العلمية بل بغرض الإصلاح والبناء والتطوير حتى لا تكون الفزاعة التي ينفر منها الطلبة والطالبات بحثا عن الملاذ العلمي الآمن، قلنا سابقا وما زلنا نجد أن هناك حاجة ماسة للإصرار على الموقف وهو ضرورة إعادة النظر في كلية التعليم التطبيقي وسياسات القبول في الكلية، إلى جانب ضرورة دراسة الاحتياجات الفعلية والمستقبلية للكلية وللتخصصات المطروحة، تحقيقا للتنمية، فلا يمكن على سبيل المثال التفريط في محور مهم كالتعليم أو المزايدة عليه، كما أنه من غير المقبول البتة العمل بخلاف الخطط الإستراتيجية والاتجاه بخلاف البوصلة، لا نرغب في تخريج طلاب جامعات تتوافر لهم مقاعد من الآن بين صفوف العاطلين عن العمل، كما لا نرغب في أن يكون أبناؤنا الطلبة خريجون حبر على ورق فقط، نتمنى أن يحوزوا التقدم الواضح والملحوظ في مستوياتهم عموما وفي الجانب المهاري خصوصا.
هذا بدوره يحتم علينا التفكير اليوم وليس غدا بمستقبل الطلبة الذين سيتم تخرجهم من الجامعة بأعداد مهولة وبتخصصات مستهلكة ومكرورة ولا تتناسب مع سوق العمل وبمستويات هزيلة، في الوقت الذي نعاني فيه من التعطل والبطالة في صفوف الطلبة الجامعيين لكونهم يحملون شهادات ورقية ولا يتمتعون بمهارات عملية يستفاد منهم مباشرة في الحياة العملية فضلا عن تمتعهم بالأطر النظرية الجيدة أو الخلفية النظرية التي تنم عن تخصصات عميقة.
وعليه يجب الوقوف على مخرجات الكلية وتقييمها تقييما موضوعيا، بعيدا عن التعصبات والتحيزات، وبعيدا عن الأجواء الانفعالية لصالح الجامعة الأم التي لا تألو جهدا في سبيل توفير الأجواء العلمية الرحبة، كما لابد من النظر بموضوعية تامة للكلية ولكل الملاحظات التي قيلت بشأنها من الشرائح المجتمعية، بعين واسعة وبقلب كبير، فالموضوع مهم وخطير، وأرجو أن لا أتهم بالتسييس حينما أتناول الموضوع بحرقة وبحرارة بعيدا عن المجاملات الأدبية التي ربما تضر ولا تنفع.
فهل هناك أفق يستوعب إعادة النظر في كلية التعليم التطبيقي يا إبراهيم جناحي؟ بعد دوي القنبلة، وبعد الأضرار التي خلفتها؟ لا أشك في الجواب، فالكتاب واضح من عنوانه يكفي أن يكون الإصلاح شعارا ومنهاج عمل ليكون التغيير والبناء هو الناتج المرجو، التغيير حتما قادم إلى الجامعة بعد رجوع الإصلاحي إليها، وربما سيكون المجس كلية التعليم التطبيقي وسياسات القبول في الجامعة عموما، سأظل متفائلة، وسأراقب التغيير بنفسي.
إقرأ أيضا لـ "سكينة العكري"العدد 1758 - الجمعة 29 يونيو 2007م الموافق 13 جمادى الآخرة 1428هـ