قد يظن البعض أن الليالي والأيام كفيلة بمحو آثار العظماء من نفوس الأمة ومن ضمائرها، ونسيان ما قدموا من أعمال جليلة، وقد أثبت التاريخ أن هذا لم ولن يحصل أبدا... أبدا.
فعظماء الأمة قد نقشت آثارهم في القلوب والضمائر بدرجة لا يمكن إزالتها، أو حتى محاولة نسيانها.
وثمة أمثلة حية ناصعة وكثيرة على ما نقول، وأبرزها شيخنا الصابر المحتسب، المجاهد المقدام الشهيد الشيخ عبدالأمير الجمري - طيب الله ثراه - الذي ضرب لنا أروع الأمثلة في الصمود والتصدي ونكران الذات منذ بدايات حياته المعطاءة حتى اختاره الله إلى جواره، وتغمده برحمته الواسعة، إذ اثبت - عمليا - أنه أمة في رجل، ورجل يمثل أمة، ويبدو ذلك جليا لكل من اقترب منه، أو ارتبط معه بأية رابطة، أو حتى الشخص العادي، صاحب العلاقة العادية.
فالشيخ الجمري طاب ثراه، كتاب مفتوح لأي فرد، يغترف منه ما شاء من غذاء فكري ومعنوي وأخلاقي وإنساني.
فقد تخرج من مدرسته الكثيرون من طلاب العلم، ليس في مجال الفقه والفلسفة فحسب، وإنما في مجالات كثيرة: أخلاقية وسلوكية وإنسانية، صاروا دعاة صامتين بسلوكياتهم، وحماستهم العملية.
إن كل من عرف الشيخ الجمري، لا يمكنه إلا أن يحبه حبا جما وصادقا، مبعثه حب الشيخ - رحمه الله - لكل الناس، على اختلاف مستوياتهم، حتى الذين يختلفون معه ويختلف معهم (أحيانا) في الرأي،لم يسمع منه كلمة تهون من شأنهم، وتسقط من مقامهم عند الرأي العام، بل على العكس تماما، فهو يجلهم ويقدرهم، ويعلي من شأنهم بين الناس.
والشيخ الجمري - فوق ذلك كله، لا يحمل في قلبه حقدا على أي أحد، وقد عرف عنه تفقده لأحوال الناس ومساندتهم بصورة تحفظ لهم كرامتهم وموقعهم الاجتماعي المرموق.
كما عرف عن الشيخ الجمري - عطر الله مرقده- اهتمامه بشئون الأمة، إذ إنه يحمل آلام وآمال الشعب - كل الشعب- ويعتبرها أهم الهموم لديه على الإطلاق، فلا عجب أن يعتبره الشعب الأب الروحي والرمز الحي لكل فرد من أفراده، ويردد كلماته الصادقة دائما «سلام على شيخنا الجمري».
إقرأ أيضا لـ "علي الشرقي"العدد 1757 - الخميس 28 يونيو 2007م الموافق 12 جمادى الآخرة 1428هـ