العدد 1744 - الجمعة 15 يونيو 2007م الموافق 29 جمادى الأولى 1428هـ

طفرة صحافية «كويتية» ولكن...!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

كنت في زيارة قصيرة لدولة الكويت في إجازة الأسبوع الماضي، والزائر لدولة الكويت يحتار فيما ينتقيه من على منضدة المقهى أو المطعم من صحف... تلك الصحف تشعرك، وخصوصا إذا كنت من الكتاب الصحافيين المداومين على القراءة «زي حلاتي»، ولست ممن يقول إنني أكتفي بالعناوين فقط، أو بما تنشره صحيفتي التي أكتب بها، أو بما أنشره بعمودي، إذ بعض الكتاب الصحافيين يرى في الذي يكتبه وكأنه عمود خيمة يستظل الناس تحتها، ويعتبر مايقدمه زبدة القول والتفسير لمجريات الأمور، أو كأنه المقال المفيد الذي لا يستغني عنه القارئ المريد للاستزادة بالعلم والثقافة والتحليل!

المهم حديثي بشأن ما يمكن تسميته بالطفرة الصحافية الكويتية، من ناحية صدور كثرة من الصحف والمجلات والدوريات... غالبيتها تمثل، أو تخضع لنفوذ أفراد من الوسط التجاري أم شيوخ من الأسرة الحاكمة أم من الحكومة ذاتها، أو تسيطر عليها توجهات ليبرالية أم قوى ديمقراطية.

في ظل هذه الطفرة فإن كثرة من الصحف التقليدية تراجعت إلى الصف الثاني، إذ غالبيتها لم تطور من أدائها وتغطياتها، وتضخ دماء جديدة في الميدان الصحافي ككتاب صحافيين أم صحافيين محترفين. وضع الصحافيين في الكويت مازال مراوحا مكانه، ويقول رئيس جميعة الصحفيين الكويتية فيصل القناعي لأكثر من 36 عاما إن الأمر الأهم على الإطلاق تحسين وضمان تطوير الصحافيين الشباب وأن يكون هناك تنظيم لمهنة الصحافة، وسيساعد هذا التنظيم على استقطاب الشباب الكويتي. ويشير إلى ذلك في معرض تعليقه على إجابة نجله مبارك فيصل القناعي الذي سألته المذيعة الكويتية عن عدم تفرغه للعمل الصحافي فأجاب مبارك: بأنه يعمل بوظيفة حكومية، إذ لا يستطيع التفرغ التام للعمل الصحافي وهو على وضعه القائم «بلا كادر وتنظيم لمهنة الصحافة»، تماما كما هو حال الصحافيين البحرينيين!

ولكن هذا الحراك الصحافي الجاري في دولة الكويت، مفيد وإيجابي على الجانب السياسي والتفاعل الاجتماعي، وكشف الحقائق للرأي العام، خصوصا فيما يتعلق بالحفاظ على المال العام وثروة البلاد ومستقبل الأجيال. إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود سلبيات لا حصر لها يخلفها هذا الحراك، أو العراك الصحافي، منها قطع حبال الوصل الاجتماعي، وتمزيق وشائج العلاقات الإنسانية بين أفراد المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه.

فمثلا، يكتب أحدهم في إحدى الصحف معلقا على شخص بعينه ويشير إليه باسمه ويقول: لو كان «...» يحمل من «الرجولة والشرف»!! فيما تخصص صحيفة أخرى كلمة «المدعو» في إشارة إلى المختلفين معها!

اعتقد بأن ما تمور به الصحافة الكويتية لا يعتبر تطورا وحداثة وديمقراطية وشفافية... إلخ من مصطلحات حضارية؛ بل أن ذلك نكوص على الاحترام المفروض بين البشر، بوصفهم بشرا، وخروجا على المبادئ والقيم العربية والإسلامية لدى المجتمع الكويتي، ولا مسوغ لها من أجل قيام دولة القانون والمؤسسات. هناك معايير للعمل الصحافي وأي عمل آخر، هي معايير أخلاقية تربوية واجتماعية قبل أن تكون مهنية!

هذه وجهة نظر مراقب للحراك الصحافي في دولة الكويت الشقيقة، الدولة السباقة في مد يد العون للشعوب العربية والإسلامية كافة، الدولة الأكثر تحضرا ضمن المنظومة الخليجية، والدولة الأكثر احتراما لمواثيق حقوق الإنسان من بين الدول العربية. لذلك، يحز في نفسي أن أرى هذا الحصاد المر لدولة طالما كانت مثلا أعلى في الود الاجتماعي والعلائق الإنسانية بين أفراد شعبها. ولطالما كانت العلاقات الاجتماعية أسمى من أية منازعات أو تجاذبات سياسية... فاحفظوا مبادئ وقيم أهل الكويت يحفظكم الله.

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1744 - الجمعة 15 يونيو 2007م الموافق 29 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً