العدد 1735 - الأربعاء 06 يونيو 2007م الموافق 20 جمادى الأولى 1428هـ

يا خالد... كلنا مكلومون

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

«ترى هل يصمت مَنْ يرى أن هناك مَنْ يحيك مؤامرة انقلابية ضد نظام الحكم في وطنه»؟ سؤال يطرحه المواطن خالد إبراهيم عبدالغفار من الرفاع الشرقي، في رسالةٍ استلمتها «الوسط» صباح أمس، ويضيف: «فما بالك بمَنْ يقوم بهتك النسيج الوطني من خلال ممارسات تكفيرية في الوسط السنّي» لا تقل خطورة عن ممارسات مماثلة في «الوسط الشيعي».

ولكي يضع القارئ هذه الكلمات في إطارها الطبيعي، لابدّ من الإشارة إلى أن الرجل والدٌ مكلومٌ، فجَعَه «المتشدّدون» بابنته. يقول: «إن شرارة واحدة من عراق الفتن الطائفية انتقلت إلى الأردن، عبر من فقدوا عقولهم في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، وأصابت هذه الشرارة العشرات قتلا، وغيرهم إصابات بليغة وإعاقات، وكانت ابنتي إحدى هذه الضحايا، فقد أقعدتها هذه الشرارة على كرسي متحرك، وعطلت الكثير من وظائفها الجسدية».

ما خفف عن العائلة التفاف الجميع في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأسرة المبتلاة، ويعني به «كل التنوع البشري عرقيا ومذهبيا في وطننا»، ما شكّل خزان دعم ومؤازرة للعائلة، ومع ذلك «ظل طعم العلقم يتجدّد في الروح عندما نشاهد صور الدمار والقتل كنتاج للحروب الطائفية» كما قال.

مناسبة هذا الكلام هو أنه كان «شاهد عيان لفاصل تكفيري في أحد مساجد الرفاع الشرقي بعد صلاة المغرب يوم 5/6/2007 للترويج لـ (عريضة شعبية) لمنع إقامة مسجد في منطقة البحير لأخوتنا أتباع المذهب الجعفري». ويقول: إن الله سبحانه وفقه مع آخرين «في رفضها والتحذير من امتداد تسونامي العراق الطائفي لوطننا الآمن عبر ممارسة الكراهية ضد الآخر».

الأهم في الأمر هو رد فعل المصلين، إذ تصاعد الرفض تدريجيا عندما انطلق الرأي المعارض للعريضة. هذه الطينة البحرينية، هي ما نراهن عليه كمواطنين بحرينيين لاجتياز المآزق والفتن. فما زلنا نكرّر للجميع، إنه ليس لنا وطنٌ غير هذا الوطن، في هذا التراب عاش آباؤنا سنة وشيعة، وفي تربته دفنا أجدادنا، وفي أحضانه سيتربّى أبناؤنا وأحفادنا. وعلى هذا المواطن نراهن على كسر الموجة الطائفية العاتية، التي تصلنا شراراتها من الخارج وتنفخ فيها بعض الجيوب الإقصائية الملتهبة في الداخل.

الرجل اكتوى بما تفرزه عقلية الإقصاء من استحلال دم الأبرياء الآمنين، وإزهاق أرواح المسلمين، وتشطير أبناء الوطن والدين الواحد إلى مسلمين ومشركين. وهي انتكاسة في الوعي العام، وارتدادة عن نَهْج الدين القويم، مهما تستّر أصحابها بجلباب الدين، فأطالوا لحاهم وقصّروا ثيابهم، لن يخدعوا أحدا.

الوالد المكلوم أطلق صفارة التحذير من قلب متحرّق على وطنه، وهو الموقف المتوقع من كلّ مواطن شريف، في مواجهة هذه الردة. وهي ردة مخجلة بكل المقاييس، خصوصا إذا علمنا أن العريضة سبقتها خطوات مخجلة أخرى، فأحد النواب (الإسلاميين) صوّت ضد مقترح إنشاء المسجد المذكور، في سابقةٍ تمثّل عارا لن يُمحى أبدا عن هذا التيار، فلأوّل مرةٍ في التاريخ الإسلامي، تقف جماعةٌ «إسلامية» ضد إنشاء مسجد في بلد مسلم... اللهم إلاّ إذا كانت هذه الفئة المنغلقة تعتبر بقية المواطنين من أبناء المذهب الآخر كفّارا أو مشركين!

في مطلع الأسبوع، اتصل أحد سكّان البحير، وقال: إننا نحاول منذ سنوات إنشاء مسجد، وفوجئنا بموقف النائب الذي يفترض أن يمثل كلّ الشعب، يقف موقفا طائفيا بغيضا. سألته: وكم تمثلون في المنطقة؟ فأجاب: «حوالي النصف، وحتى لو كنا نمثل الثلث، ألا يحق لنا أن نقيم مسجدا يذكر فيه الله»؟

عليك يا خالد وعلى أمثالك ممن لم تلوّثهم الطائفية بأدرانها، نراهن في إنقاذ الوطن من الفِتَن والمِحن، وتأكّد أن إيمان جرحٌ يكوي قلوبنا جميعا. أعطاك الله أجر الصابرين.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1735 - الأربعاء 06 يونيو 2007م الموافق 20 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً