العدد 1732 - الأحد 03 يونيو 2007م الموافق 17 جمادى الأولى 1428هـ

ركود الاقتصاد الأميركي

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يتجاوز معدل نمو الاقتصاد الأميركي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام 0.6 في المئة، وهي أضعف نسبة منذ أربعة أعوام، بحسب مصادر رسمية.

كان الخبراء يتوقعون نسبة نمو 1.3 في المئة، لكن لم يتحقق هذا الرقم بسبب زيادة الواردات وتقليل الشركات الأميركية من إنتاجها. ولم تبلغ نسبة النمو حتى أكثر التوقعات تشاؤما، وهي الـ 0.8 في المئة التي جاءت بها وزارة التجارة.

وكانت أضعف نسبة نمو للاقتصاد الأميركي في الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2002.

وكان تراجع أداء سوق العقار عاملا مهما آخر في هذه النسبة المتدنية، إذ تراجع عدد المنازل الحديثة البناء بـ 15.4 في المئة. لكن نسبة الاستهلاك عند المواطن الأميركي ارتفعت بنحو 4.4 في المئة، كما أن الاستثمارات المالية فاقت التوقعات بنسبة 2.9 في المئة.

وقال المسئول عن الاستراتيجيات المالية في مصرف نيويورك مايكل وولفوك انه «من الواضح أن النمو كان ضعيفا في هذه الفترة لكن مع ذلك لدينا أسس جيدة ننطلق منها في الفترة التالية».

وعبر خبراء آخرون عن ثقتهم بان الأداء سيكون أفضل بكثير بين ابريل/ نيسان ويونيو/ حزيران. ويتوقع درو ماتيوس وهو أحد كبار المحللين ببنك الاستثمارات العالمية ليمان برادرز ن تبلغ نسبة النمو في تلك الفترة 3 في المئة، و2.5 في المئة لعام 2007 ككل.

لم يعد الحديث عن تباطؤ الاقتصاد الأميركي واتجاهه نحو الركود مجرد مخاوف وهواجس يعبر عنها بعض الاقتصاديين الأميركيين المتشائمين، بل أصبح حقيقة واقعة مقترنة باتخاذ إجراءات اقتصادية احترازية، سارع المسئولون في بنك الاحتياط الفيدرالي إلى اتخاذها للحد من هذا التدهور، كما أنها ليست بنت اليوم بل تعود إلى العام 2001 حين قرر مجلس الاحتياط الفيدرالي حينها تخفيض سعر فائدة القروض الاتحادية نصف نقطة مئوية (من 6 إلى 5.5 في المئة) في محاولة لإعادة إنعاش الاقتصاد. وكان البنك المركزي الأميركي قد خفّض الضرائب خلال العام 2001 ست مرات بهدف إنعاش الاقتصاد، وهو ما لم يحدث منذ أكثر من 8 سنوات تقريبا، وهو ما دلل على مدى خطورة الوضع الاقتصادي الأميركي حينها.

كذلك زادت حالة الركود حينها لأسباب كثيرة، منها: زيادة قوة الدولار، وهو ما جعل أسعار الصادرات الأميركية مرتفعة الثمن، مقارنة بسلع دول أخرى تنافسية؛ وأدى إلى تراجع هذه الصادرات بنسبة عشرة في المئة خلال العام 2001 وحده، وهو ما يعد «توجها مقلقا» للاقتصاد الأميركي.

وكان أيضا ارتفاع أسعار الطاقة أحد أهم المشكلات التي تعوق ازدهار الاقتصاد الأميركي؛ إذ قامت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بتخفيض إنتاجها عدّة مرات خلال العام 2001؛ للتغلب على انخفاض الأسعار، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة في الولايات المتحدة، وبالتالي انخفاض معدلات النمو الاقتصادي.

من جانب آخر يرى عدد من الخبراء أن الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية التي كانت وراء النمو القياسي الذي حققه الاقتصاد الأميركي خلال السنوات الثماني الأخيرة من القرن الماضي قد تغيّرت كثيرا، فقد لعب المستثمرون العالميون ورؤوس الأموال المهاجرة إلى الولايات المتحدة دورا في تمويل الشركات الأميركية؛ فكان وراء هذا التدفق الهائل للاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة مجموعة من الأحداث الضخمة والحروب، منها: انتهاء الحرب الباردة، واندلاع حرب الخليج الثانية، وحرب أفغانستان، ومن بعدها حرب العراق، ثم الأزمات الاقتصادية التي ضربت مختلف الاقتصادات الدولية، بدءا بالمكسيك، ومرورا باقتصادات النمور الآسيوية، وانتهاء بروسيا ودول أمريكا اللاتينية، وأخيرا - وليس آخرا - أزمة البلقان والحرب الأطلسية ضد يوغسلافيا. وساهمت جميع هذه الأحداث والتطورات في توجيه معظم رؤوس الأموال من جميع هذه البؤر الاقتصادية إلى الولايات المتحدة، الأمر الذي وصل معه السوق المالية الأميركية إلى حد الإشباع، بينما تولى صندوق النقد الدولي عملية إعادة تدوير هذه الأموال من خلال إقراضها للدول التي ضربتها الأزمة لتبدأ عملية استنزاف جديدة لأموال هذه الدول.

ومهما يكن من أمر فإنه بات من شبه المؤكد أن الاقتصاد الأميركي أصبح قريبا أكثر من أي وقت مضى من مرحلة ركود قوية إن لم يكن قد دخل فيها فعلا، فيما تؤكد الكثير من التقارير وشركات الاستثمار الضخمة في «وول ستريت»، وما يجمع عليه الخبراء - أن معدل النمو سيشهد هبوطا حادا، ولن يتجاوز معدل 2 في المئة في أحسن الأحوال، وهو ما يعني بالضرورة تراجعا في قيمة الناتج الإجمالي الأميركي، ودخول الاقتصاد مرحلة من النمو البطيء، أو ما يسميه بعض الاقتصاديين «النمو الركودي»، وبالتالي تراجع قوة الاقتصاد الأميركي على الصعيد العالمي.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1732 - الأحد 03 يونيو 2007م الموافق 17 جمادى الأولى 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً