باستضافتها الدورة السنوية لمصرف التنمية الإفريقي في شنغهاي تكون الصين قد قطعت شوطا طويلا تجاه نقل نموذج نموها إلى إفريقيا والاستفادة من الثروات الطبيعية لهذه القارة وطاقاتها الاقتصادية. ومن الواضح أن الصين أصبحت اليوم واحدا من أهم شركاء مصرف التنمية الإفريقي منذ التحاقها به في العام 1985، وتدفقت استثماراتها على إفريقيا لاسيما في الخمس سنوات الأخيرة. ففى نهاية العام 2006، بلغت استثمارات الصين في القارة الإفريقية 11.7 مليار دولار في عدة مجالات كالتصنيع والتجارة والنقل والزراعة، حسب مصرف التنمية الإفريقي. كما ارتفع حجم التبادل التجاري الصيني الإفريقي إلى 55 مليار دولار في العام 2006، أي أربعة أضعاف حجمه في العام 2000، فيما يقدر الزعماء الصينيون أن يبلغ 100 مليار دولار في العام 2020. وأصبحت مؤسسة خدمات الاتصالات الصينية هواويى، واحدة من أهم المجموعات العاملة في هذا القطاع في إفريقيا، وتمتد عملياتها من مصر إلى جمهورية جنوب إفريقيا. الأمر نفسه ينسحب على شبكة شونان التي تبيع من مبردات الهواء إلى الدراجات الكهربائية. يذكر أن الاستثمارات الصينية في إفريقيا تصحبها القروض والمساعدات السخية، فقد ألغت الصين ديونا إفريقية بمبلغ 1.4 مليار دولار وأعلنت عن إلغاء 1.3 مليار دولار أخرى. وأعلنت الصين أثناء قمة الزعماء الأفارقة في الشتاء الماضي في بكين أنها ستضاعف حجم معوناتها لإفريقيا في العام 2009 العام. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وأثناء مراسم افتتاح الحوار رفيع المستوى والمؤتمر الثاني للمشروعات الصينية والإفريقية، صرح رئيس مجلس الدولة الصيني ون جيا باو، بأنه يتعين على الصين وإفريقيا أن تستغلا إمكانات التعاون وأن تبذلا اقصى ما في وسعهما لرفع حجم التجارة بينهما إلى 100 مليار دولار بحلول العام 2010. ويتعدى هذا الرقم أكثر من ضعف مستوى التجارة في العام 2005 الذى وصل الى 39.7 مليار دولار . ففي الأشهر التسعة الأولى من العام 2006 وصل حجم التجارة الصينية الإفريقية الى 40.6 مليار دولار وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 42 في المئة سنويا. وقال ون حينها، مخاطبا 27 رئيسا وستة من رؤساء وزراء الدول الإفريقية إضافة إلى1300 من منظمي الأعمال الصينيين والأفارقة في القمة، «إنه على رغم وجود عجز فى الميزان التجاري للصين مع إفريقيا لصالح الصين خلال السنوات الأخيرة إلا أن الصين ترغب في توسيع حجم وارداتها من الدول الإفريقية». من جانب آخر كان الرئيس الصيني هو جين تاو قد قدم في وقت سابق في افتتاح قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي تعهدات جديدة لتسهيل التجارة الثنائية والتعاون. وقال إن الصين ستضاعف من مساعدتها إلى إفريقيا بحلول العام 2009 وستزيد عدد السلع المعفاة من الجمارك من 190 الى 440 سلعة من واردات الدول الإفريقية الأقل نموا التي تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين. وستمنح الصين أيضا 3 مليارات دولار من القروض التفضيلية و2 مليار دولار من ائتمانات التصدير على مدى السنوات الثلاث المقبلة وستؤسس صندوقا خاصا بـ5 مليار دولار لتشجيع الاستثمار الصيني في إفريقيا. ووصف ون هذه الاجراءات بـ «العملية والمحفزة» وقدم خمسة مقترحات لمنظمي الأعمال من كل من الصين وإفريقيا. وقال إنه يتعين على الجانبين أن يعملا عن قرب فى قطاعات الخدمات والسياحة والمالية والاتصالات خصوصا لنثر بذور نمو اقتصادي جديد وتسهيل التجارة على نحو أكثر توازنا وصحة. هذا التوجه الصيني نحو إفريقيا يعكس نموا تجاريا شاملا تنعم به الصين. فستحل الصين هذا العام محل ألمانيا كثاني أكبر دولة تجارية فى العالم إذ من المتوقع أن تبلغ قيمة تجارتها الخارجية 2.1 تريليون دولار أميركي. وتحتل مركز أكبر دولة تجارية فى العالم من الولايات المتحدة بنهاية العقد، ذكر ذلك باحث صيني كبير هو نائب رئيس معهد بحوث التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادي الدولي بوزارة التجارة لي يوشي مشيرا إلى «أن الصين حققت معدل نمو بلغ أكثر من 20 في المئة في التجارة الخارجية في الربع الأول من هذا العام، ومن المحتمل أن تحافظ على هذه الدفعة خلال العام». وعلى رغم ان معدل النمو انخفض الى 6.9 في المئة فى مارس/ آذار فإن التجارة الخارجية في الأشهر الثلاثة الأولى بلغت في مجملها 457.7 مليار دولار بزيادة 23.3 في المئة على الفترة نفسها العام الماضي. كما بلغت الصادرات 252.1 مليار دولار بزيادة 27.8 في المئة في الوقت الذي بلغت فيه قيمة الواردات 205.7 مليارات دولار بزيادة 18.2في المئة وفقا لارقام الجمارك الصينية. وفي الوقت الذي استهدفت فيه وزارة التجارة أن تحقق التجارة الخارجية نموا يبلغ نحو 10 في المئة فى العام فيما بين 2006 و2010 فإن معهد لي توقع أن يكون معدل النمو ما بين 12و 15 في المئة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1729 - الخميس 31 مايو 2007م الموافق 14 جمادى الأولى 1428هـ