استكمالا لما سلطناه من ضوء على موقع المرأة العربية في السلطة التشريعية ببلدانها نستعرض اليوم الوضع ذاته في دول المغرب العربي، ونضم لها مصر فتكون البلدان المقصودة هي: مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، أما موريتانيا فما استجد في انتخاباتها التشريعية نهاية العام الماضي على مستوى حضور المرأة خصوصا جدير بأن نفرد له حديثا خاصا لاحقا.
تتألف السلطة التشريعية في مصر من مجلسين هما: مجلس الشعب الذي يتمتع بسلطات تشريعية ومجلس الشورى الذي يؤدي دورا استشاريا فقط. ومعظم أعضاء المجلسين ينتخبون ماعدا 10 نواب لمجلس الشعب من مجموع 454 يعينهم رئيس الجمهورية و88 عضوا لمجلس الشورى من مجموع 264 يعينهم الرئيس.
الدستور المصري الصادر العام 1956 نص على حق المرأة المصرية في الانتخاب والترشح. وقد فازت المرأة بعضوية البرلمان لأول مرة العام 1957 وظلت نسبة تمثيلها ضعيفة جدا لا تتجاوز 2 في المئة لسنوات عدة. وفي انتخابات 1984 فازت 36 امرأة، ثم أخذ العدد في التناقص بالانتخابات التالية، لكنه عاد إلى فوز 36 امرأة في انتخابات 2000. وفي آخر انتخابات نيابية العام 2005 حافظت المرأة المصرية على نسبة تمثيل ضعيفة في مجلس الشعب المصري وصلت لأقل من 2,5 في المئة.
أما ليبيا فتختص بنظام سياسي يميزها عن باقي جيرانها مستمد من الرؤية الأيديولوجية والتعاليم التي يطرحها الكتاب الأخضر. ويمثل السلطة التشريعية في ليبيا مؤتمر الشعب العام الذي تأسس منذ 1976 وينتخب أعضاؤه بالاقتراع غير المباشر لثلاث سنوات بواسطة مؤتمرات ولجان شعبية منتشرة في أنحاء البلاد منتخبة من جميع المواطنين الليبيين رجالا ونساء. ومنذ الثمانينات أصدرت الدولة عدة قوانين واعتمدت الكثير من الإجراءات المساعدة على انخراط المرأة في الشأن العام والشأن السياسي.
برغم ذلك لم تزل أعداد النساء المنتخبات لعضوية مؤتمر الشعب العام تقل كثيرا مقارنة بنسبة المرأة في التعداد السكاني للمجتمع الليبي. ليس بحوزتنا النسبة النسائية الممثلة في السلطة التشريعية ومؤشرنا الوحيد أن المرأة الليبية لم تصل للمناصب العليا في مؤتمر الشعب العام إلا نادرا فطوال الفترة من 1977 إلى 2003 لم تصل إلى أمانة مؤتمر الشعب العام سوى ست نساء فقط. وتحقق هذا الوصول بإرادة سياسية عليا وفقط في الميادين الأكثر ارتباطا بالمرأة (شئون المرأة والشئون الاجتماعية).
السلطة التشريعية في تونس تتألف من مجلسين هما مجلس النواب ومجلس المستشارين. وينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام لولاية مدتها خمس سنوات. ويخصص 20 في المئة من مقاعد المجلس لأحزاب المعارضة بحسب نسبة الأصوات الانتخابية التي يحصلون عليها. أما مجلس المستشارين الذي استحدث العام 2002 فلا يتجاوز عدد أعضائه ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب. ويتشكل من ثلاث مجموعات: ثلث منتخب من قبل المجالس البلدية، وثلث تنتخبه النقابات والثلث الأخير يعينه رئيس الجمهورية. وقد نالت المرأة التونسية حقها في الانتخاب والترشح منذ صدور الدستور التونسي العام 1959. وحقق حضور المرأة التونسية في البرلمان تطورا متتاليا فكان نصيبها 11 مقعدا في 1994 و21 مقعدا في 1999 و43 مقعدا في 2004. وتأتي تونس في صدارة البلدان العربية من حيث نسبة تمثيل المرأة في البرلمان حيث بلغت 11.5 في المئة بعد انتخابات العام 2000، ممّا وضع تونس في المرتبة 59 من جملة 117 دولة شملتها دراسة أعدها الإتحاد البرلماني الدولي. وفي العام 2004 بلغت نسبة الحضور النسائي في مجلس المستشارين 15 في المئة وفي مجلس النواب 22.75 في المئة. وتقع هذه النسبة البرلمانية في درجة أعلى من المتوسط العالمي المقدّر بنسبة 14 في المئة. وتعود نسبة الحضور المتقدمة للمرأة التونسية في البرلمان إلى قرار سياسي متخذ على أعلى المستويات بتخصيص الحزب الحاكم - المضمون فوز قوائمه دوما وبكامل أسمائها في جميع الدوائر - 25 في المئة من قوائمه الانتخابية للنساء، بالإضافة لما أعلنه الحزب في برنامجه المستقبلي عن كوتا نسائية بنسبة 30 في المئة العام 2009.
السلطة التشريعية في الجزائر تتكون من مجلسين: مجلس الشعب الجزائري والمجلس الوطني الذي تم استحداثه العام 1996 عبر تعديل دستوري مؤيد باستفتاء شعبي. وينتخب مجلس الشعب الجزائري باقتراع عام سري مباشرة لمدة خمس سنوات، أما المجلس الوطني فيتم انتخاب ثلثيه باقتراع سري غير مباشر من الأقاليم والبلديات ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي. بعد آخر انتخابات جرت في الجزائر العام 2002 أصبح عدد النائبات في مجلس الشعب الجزائري 27 امرأة بنسبة 6.94 في المئة من مجمل المقاعد وفي المجلس الوطني 4 نساء بنسبة 2.87 في المئة من مجمل المقاعد. على رغم ذلك فمن المتوقع أن ترتفع هذه النسب في انتخابات العام الجاري، فقد أعلنت لويزة حنون الأمين العام لحزب العمال الجزائري أن حزبها سيتقدم بقائمة تضم 163 مترشحة 16 امرأة من بينهن سيتصدرن القوائم الانتخابية في مناطق مختلفة من الجزائر.
في العام 1996 تأسس في المغرب نظام تشريعي مكوّن من مجلسين، مجلس النواب وينتخب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات، ومجلس المستشارين الذي ينتخب بطريق غير مباشر من هيئات ناخبة من المجالس المحلية والجمعيات والاتحادات المهنية لتسع سنوات ويتم تجديد ثلث أعضائه كل ثلاث سنوات. وخلال الانتخابات التشريعية التي جرت في المغرب العام 1997 فازت امرأتان فقط بمقعدين برلمانيين. أما خلال الانتخابات التي تلتها العام 2002 فبفضل الاعتماد الرسمي لنظام اللائحة الانتخابية وتوافق الأحزاب السياسية المشاركة على تخصيص لائحة وطنية للنساء، تمكنت 35 امرأة من الفوز بعضوية البرلمان بنسبة 11 في المئة. وبذلك احتل المغرب الرتبة 71 عالميا في تمثيل المرأة بالسلطة التشريعية.
في هذا العرض الموجز تُظهر الشواهد أن المرأة في كافة المجتمعات العربية ذات الثقافة الذكورية المهيمنة، ستظل تواجه عديد التحديات والصعوبات قبل أن تتمكن من ممارسة أهم حقوقها السياسية متمثلا في عضويتها بالسلطة التشريعية. وتجارب دول المغرب العربي ومصر تؤكد قيمة التدخل الرسمي والأهلي لإرساء آليات مقننة تمكن الكفاءات النسائية من بلوغ عضوية السلطة التشريعية. وبفضل تلك الآليات ترتفع نسبة تمثيل المرأة في برلمانات تونس والمغرب، ولغيابها تتدنى النسبة في برلمانات مصر والجزائر.
إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"العدد 1716 - الجمعة 18 مايو 2007م الموافق 01 جمادى الأولى 1428هـ