العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ

من همس أسئلتكم نرى أبا أمل شامخا

مريم عيسى النعيمي comments [at] alwasatnews.com

في خضم الأيام التي عشناها وتعيشونها معنا، وبكل الروح الممتزجة بالأمل قبل اليأس، والفرح قبل الحزن، ومن أعينكم وأصواتكم وهمس أسئلتكم الآتية من بعيد عبر الهاتف، واحتضانكم والضغط على أيدينا، كنا نرى أبا أمل شامخا.

منذ أن بزغ نور القضية في قلبه وحملها فكرة، ودافع عنها بقلمه وكلمته، ومشاركاته وحبه وتضحيته، وغيابه الطويل شهورا عنا، ظل حاضرا بكم معنا.

منذ أن انتهج طريق لا رجعة فيه ليدافع عن كل المستضعفين على الأرض من دون الاهتمام بأعراقهم أو طائفتهم أو مكان إقامتهم أو زمانهم... كان الإنسان هو همه، والوطن أمه، والحرية طريقه. كان حاضرا بكم معنا.

لذا أشكر كل الصحف في البحرين وخارجها على مبادرتها في تقديم شهادات حية أو مشاعر جياشة، تحمل بين كلماتها حرارة العزة والإباء والوفاء لأبي أمل... من كتاب وصحافيين... وغيرهم، ممن عاصروه أو مروا مرورا عابرا على بيته أو التقوه أو سمعوا به.

صدقا ما غاب من كان لديه طفل صالح، وكيف من له هذا الكم الهائل من الأبناء والأصدقاء، ما غاب من كان لديه وطن لا يرجف فيه الأمل، لهذا أبو أمل قويا بكم... يغمض عينيه ويفتحهما وكأنه يبعث إلينا برسائل تحية لكل الأحبة.

روحه تسافر بعيدا عن جسده لتزور كل قلب يشتاق إليه.

كان يقول لي دائما عندما يكون مريضا: يجب ألا نعطي المرض مبررات أو فرصة ليكسرنا!

كان جبارا مع نفسه، قابضا على زناد الحقيقة، مقايضا به محبته لكل من يقابله من دون أي اعتبار من هو وإلى من ينتمي.

ابتسامته المشرقة، كانت نافذته مع البسطاء ولم يغلقها قط، وحواراته الساخنة ومناقشاته مع من يختلف أو يتفق معهم لم تبعد الود أبدا بينه وبينهم، كان يداعب رأس الصغير، ويقبل رأس الكبير، كان منكم وروحه تعانق كل الأنفاس، لم يكن غريبا حتى في الغربة عنكم.

كنت سعيدة بزياراتكم لنا في الغربة، فقد كسرتم حاجز المسافات، ورنين جرس البيت كان يؤكد لنا التواصل مع أبناء الوطن والحرية على رغم الأميال التي تبعدنا عن المكان. كانت همسات أصواتكم في الغرف المغلقة في المنزل مهرجاناتنا المتكررة والمتعددة الألوان... من دون معرفة هوياتكم... كان المنزل يحوي (4) غرف وصالة، تمتلئ عن بكرة أبيها، نرابط في غرفة واحدة بمودة وحب من دون أدنى انزعاج.

كان وجودكم يزرع الأمل فينا، صدقا كان البيت «ورشة أمل» وخلية نحل تنتج عسلا نقيا صافيا.

كم كنتم أنتم القادمون من بقاع الأرض، أجمل الهدايا والشمس التي تدفئ برودة شتائنا الشامي، بشهاداتكم الرائعة التي فتحت أمام أعيننا منافذ لم تكن غائبة عنا في أبي أمل، لكننا كنا نؤجل الحديث عنها، لأنه لا يحب تعظيم أفعاله حتى الكبيرة منها، تواضعه كان يشربه من حنينه إليكم، وعطاؤه كان رحيق التكوين. فليحفظ الله لكم كل الود الذي تكنونه له، والذي مازال يصارع الألم لكن رصيد حبه لكم سيرجعه قويا معانا بإذن الله.

كان بعض من عاصره وأذكرهم جيدا متراس الحدود والثغور، ومن المساندين له، وعلى رغم احتدام النقاش يظل الصوت حبيس الجدران للجدران، وما أن يفتح الباب حتى تعلو الضحكات... شيء رائع أنتم، فأنتم لحظات العزة والإباء دائما... أنتم القلب النابض... أنتم المؤشر الحقيقي.

يا من كسرتم الغربة في نفوسنا، وكنتم زادنا وتواصلنا مع الوطن، كلما فتحتم أمتعتكم بعد عناء السفر أو أخذتم تعبثون بشنطكم كنا نشم رائحة الوطن، كانت أنفاسكم هواءنا الصافي، كانت همساتكم توحي لنا بالعودة والأمل في أناشيدكم وحفلاتكم الطلابية. كان لها وهج الشمس في يوم غائم، أنتم من كان يشد أزرنا... أنتم الساحل الذي ترنوا قلوبنا قبل عيوننا إليه... أنتم وعلى رغم اختلافات انتماءاتكم وأوطانكم كنتم قوس قزحنا الذي يقربنا نحو الوطن.

كل من التقينا بهم لهم ذكرى في قلوبنا... فقد كانت بوصلتنا تشير إلى نفق طويل في نهايته نور مشع بصوركم جميعا... مازالت جدران شقتنا في منطقة المزرعة بالشام تحفظ ظلال صوركم، وتحتضن دفء مشاعركم... كان البيت يشع احتفالا ويتسع بقدوم أي واحد منكم في مواسم النشاط. نحن أقوياء بكم، وقلوبنا تسع الجميع، فأنتم يا من زرعتم بأيديكم ومعاولكم حق الكثير، سيظل أبو أمل فخورا بكم... وسيظل بيته بيتكم وإن كان خيمة...

وقلبي وقلب أبنائي ينبض بحبه لكم وحبكم لهم...

بوركت البحرين بكم وأنتم بها...

العدد 1714 - الأربعاء 16 مايو 2007م الموافق 28 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً