نحترم تصريحات وزير الصحة ندى حفاظ التي قالت فيها إن البت في الأخطاء الطبية يحتاج إلى إجراءات قضائية خاصة وخبرات قضائية للبت في الموضوع، بالنظر إلى كون المسائل الطبية معقدة وتحتاج إلى بحثها، في إشارة إلى لجنة برلمانية تعتزم التحقيق فيما تعتبره أخطاء طبية من قبل مجمع السلمانية الطبي تسببت في أضرار وحالات وفاة لبعض المرضى.
ولكن من الناحية الأخرى، لا اعتقد أن إنكار وجود مشكلة فيما يتعلق بهذا الجانب سيكون مفيدا جدا على المدى البعيد، وإذا ما كان الجهاز المرتقب وهو هيئة الجودة - المقرر لها أن تكون مستقلة – التي ستشرف على مراقبة أداء القطاع الصحي والتحقق والتحقيق في الشكاوى الواردة من المواطنين في هذا الجانب هو الحل، فأعتقد أن المواطنين ربما من الوهلة الأولى لن يقبلوا تقارير رقابية تبثها الحكومة عن أداء موظفيها، وهذا أمر طبيعي، فكيف تكون الحكومة هي (الخصم والحكم) في الوقت نفسه؟!
معالجة قضية الأخطاء الطبية لا تحتاج فقط إلى لجان تحقيق برلمانية أو قضائية أو طبية متخصصة فحسب، بل علينا معالجة الأسباب من جذورها، فالوزيرة نفسها تعترف بأن الضغط الشديد على المرافق الصحية ساهم في انخفاض جودة الخدمات التي تقدمها وزارتها إلى المواطنين والمقيمين، ونحترم كذلك الجهود التي قد لا يراها بعضنا في توفير الممكن من موازنة وزارة الصحة وتوفير الميسور، فقضية تدني الإنفاق على الصحة والتعليم مقابل مخصصات أخرى تنفق على أمور ليست ذات جدوى موجودة في جميع الدول العربية تقريبا.
حالات الوفيات المشكوك في كونها طبيعية، التي تمر عبر مستشفى السلمانية، كثيرة (بحسب ما يروى)، والتحقق ووجود أرقام أمر مطلوب، وربما وجود لجنة برلمانية وإن كانت غير متخصصة طبيا - كما يطرح البعض - سساهم بالتأكيد في تحريك المياه الراكدة في هذا الشأن ويساعد بعض العائلات (المفجوعة) في محاولتها للصراخ على فقدان أبنائها.
أعتقد أن مشكلة الأخطاء الطبية هي غير مقصودة، وهذه الأخطاء قد تحصل في جميع دول العالم حتى المتقدمة منها، لكن وضع المجهر على هذه الأخطاء لاشك أنه سيكون البداية الحقيقية لمعالجتها، سواء عبر زيادة الموازنة المخصصة للصحة، أو تعزيز الإمكانات، أو عبر التسريع الخطوات لحللة مشكلة تدني مستوى الخدمات المقدمة، مثل الإسراع في تطبيق التأمين الصحي الإلزامي للأجانب الذي نأمل أن يطبق فعلا مع مطلع 2009، وخصوصا – بحسب الوزيرة - أن الصرف على صحة كل فرد في البحرين تبلغ 800 دولار سنويا (296 دينارا تقريبا)، نسبة كبيرة من هذا الإنفاق وغالبيته حكومي تذهب إلى الأجانب، ومع وجود ما يزيد على 100 ألف أجنبي في البحرين، فلنتصور حجم الكلفة وخصوصا مع التزايد السكاني الفجائي لأعداد (البحرينيين) لأسباب نعرفها جميعا.
إقرأ أيضا لـ "علي الفردان"العدد 1711 - الأحد 13 مايو 2007م الموافق 25 ربيع الثاني 1428هـ