العدد 1705 - الإثنين 07 مايو 2007م الموافق 19 ربيع الثاني 1428هـ

تشيني رسول حرب لا سلام

السيد محمد حسين فضل الله comments [at] alwasatnews.com

المتابع للحركة السياسية في المنطقة، يلاحظ أن الوضع فيها دخل في مرحلة من السباق المحموم بين ما هي علائم التسوية والانفراج والاستقرار، وبين علائم الاضطراب والحرب وشبح العنف الذي لايزال سيد الموقف في أكثر من ساحة، بفعل السياسة الأميركية التي دفعت بالأمور إلى هذا المستوى من الفوضى التي تنتج عنفا داميا في العراق وغيره.

وإذا كانت إدارة الرئيس الأميركي قد فقدت فاعليتها في إنتاج حرب جديدة في المنطقة بفعل فشلها المدوّي في العراق وتراكمات هذا الفشل على المستوى الأميركي الداخلي، إلا أن هذه الإدارة لم تفقد شهية الحروب والعنف والدمار والقتل على رغم كل الفضائح التي حاصرت هذه الإدارة، لأنه لايزال فيها من يفكّر بالهروب إلى الأمام عبر القيام بمغامرات خاطفة في المنطقة، وخصوصا نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني الذي لاتزال التقارير والمعلومات الواردة من أميركا نفسها ومن شخصيات شاركت في إدارة بوش تتحدث عن دور تشيني في دفع بوش للقيام بالحرب على العراق تحت حجج واهية، وهو ما أكده رئيس الاستخبارات الأميركية السابق، جورج تينيت، في كتابه الأخير.

إن ديك تشيني، الذي ينطلق إلى المنطقة للقاء الرباعية العربية، ليس رسول سلام ومحبة، ولكنه رسول حرب وداعية فتنة وهو شيطان بوش وموجّهه الدائم نحو الحرب في المنطقة، وهو لا يأتي إلى المنطقة العربية ليدرس مع المسئولين العرب سبل تخفيف الاحتقان ودفع الأمور باتجاه السلام، بل يأتي محرضا لهم على إيران وموجّها لهم نحو الاقتراب من «إسرائيل»، وربما كلفهم بمهمة جديدة تتمثّل بحماية أولمرت عبر مد اليد نحوه لمنعه من السقوط، إذ إن تشيني يتطلع لدور القادة العرب من منظار حماية «إسرائيل» ومن خلال مدى انسجامهم مع الخطط الأميركية في المنطقة.

إننا نريد للمسئولين العرب أن يتصرفوا بشيء من النديّة في مواجهة تشيني، كما تصرف وزير خارجية إيران مع وزيرة الخارجية الأميركية، وخصوصا أنهم يعرفون أن المسئولين الأميركيين لا يأتون إلى المنطقة لحلّ مشكلاتها، بل لحلّ مشكلة أميركا ومأزق «إسرائيل».

لقد أظهرت نتائج مؤتمر شرم الشيخ أن المؤتمر لم يُعقد لحلّ المشكلة العراقية، بل لحلّ مشكلة أميركا في العراق، ولم يكن الهدف منه هو الوصول إلى حال من الاستقرار الداخلي في العراق، بل البحث في السبل التي من شأنها أن توافر الأجواء اللازمة للمحتل الأميركي كي ينعم بشيء من الاستقرار الذي يمكّنه من البقاء أكثر في بلاد الرافدين.

نلمح في المنطقة نفاقا أميركيا متصاعدا، إذ تلوّح الإدارة الأميركية باستعدادات علنية للحوار مع دول المنطقة التي تعتبرها مشاغبة، ولكنها تهمس في آذان دول أخرى ومن بينها دول عربية إسلامية، بأنها ستعمل على تأديب دول الممانعة، ولذلك فإنّ على المسئولين العرب أن ينتبهوا إلى هذه اللعبة الأميركية المزدوجة، وخصوصا أن هذه الإدارة الأميركية أثبتت أنها مستعدة للتضحية بأي مسئول عربي أو أي نظام عربي، إذا رأت أن ذلك يخدم مصالحها ومصالح «إسرائيل»، وعسى أن يتّعظ الجميع من تجربة أميركا مع صدام حسين.

نرى أن البناء السياسي والأمني الصحيح في المنطقة، لابد من أن يبدأ من خلال اعتراف الإدارة الأميركية بأخطائها وجرائمها، وأن تتحلى بشيء من الشجاعة لتعترف بالفشل كما اعترفت «إسرائيل» به، ذلك أنّ مثل هذا الاعتراف الأميركي وإعلان الاستعداد للتصحيح قد يكون اللّبنة الأولى التي يمكن أن يبني الحوار القادم عليها أساسا من شأنه أن يكون المنطلق لإعادة ترميم علاقة أميركا بشعوبنا من خلال مراجعة لسياستها الخارجية في المسألة الفلسطينية، وفي محاولاتها الدائمة لإشعال حرب مذهبية في المنطقة كلها... ومن شأن ذلك كله أن يحاصر ما تسميه الإدارة الأميركية إرهابا، لأن هذا الإرهاب كان صنيعة من صنائعها، أو كان نتاجا لسياستها الظالمة في المنطقة.

إقرأ أيضا لـ "السيد محمد حسين فضل الله"

العدد 1705 - الإثنين 07 مايو 2007م الموافق 19 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً