المعلوم أن أول سورة أنزلت من القرآن الكريم هي قوله تعالى: «إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم» (الآيات الأولى من سورة العلق).

تقودنا هذه السورة المباركة إلى التأمل في الحكمة من دعوة كتاب الله إلى القراءة والحث عليها، وذلك لأهميتها، كونها مفتاح الكتابة والسبيل إلى تنوير الأفكار، وصولا إلى آفاق بعيدة من العلم والمعرفة.

من هذا المنطلق، سألت زميلا لي وصديقا له باع طويل في الشعر والأدب: ما بال أحدنا أحيانا تنفتح عليه أبواب الخير، فيكتب أكثر من مقال، وأكثر من عمود، وأكثر من قصيدة في سويعات قليلة، ولكنه - في كثير من الأحيان - يعصر أفكاره لعله يكتب شيئا مفيدا، فلا يهتدي إلى ذلك سبيلا، فماذا يفعل في مثل هذه الحال؟

أجابني زميلي وصديقي قائلا: «إقرأ، ثم إقرأ ثم إقرأ، وهذا ما أقوم به - والكلام للصديق - إذ أخصص ساعات معينة يوميا أقرأ فيها كتبا معينة ومنوعة، وذلك بصورة منتظمة». وهذا يقودنا إلى المقارنة بين الأمس واليوم، وأعني بالأمس سنوات كوننا طلابا في الثانوية وكوننا معلمين، فيما يتعلق بالقراءة والكتابة، فقد كنا في سنوات الدراسة والتدريس نقرأ كثيرا ونكتب قليلا، وقراءتنا تشمل - فيما تشمل - كتب المنفلوطي وجبران، وكتبا أخرى لا أذكر منها سوى القليل، إلى جانب الصحف والمجلات مثل «طبيبك» و «عكاظ» وغيرهما، مما أواظب على قراءته، أما مجلة «العربي» الكويتية فمازلت مواظبا على قراءتها حتى اليوم.

في اعتقادي أن هناك عوامل كثيرة مؤثرة تساعد على القراءة والكتابة، لعل منها هدوء البال وصفاء الذهن والتشجيع المعنوي والاستحسان والثناء على ما يكتب ولو من باب المجاملة من قبل الأصدقاء والصحف.

فهناك فرق بين شخص تهديه كتابا ألّفته، أو تطلعه على قصيدة نظمتها، أو مقال سطرته، فيقابل ذلك بالتشجيع والتقدير وإبداء الملاحظات البناءة، وشخص آخر يبخل عليك حتى بكلمة شكر أو عبارة تشجيع، فالأول يدفع بك إلى الأمام، والثاني يثبط همتك ويفت في عضدك ويكسر عزيمتك، ومع ذلك لابد من تطبيق نصيحة الصديق والأديب «إقرأ، إقرأ».