عندما حضرت أمس الأول افتتاح الأسبوع الثقافي الإيراني (الذي ستستمر فعالياته أسبوعا كاملا في الصالة الثقافية ومركز الفنون) كنت أتوقع أن أرى الكتل النيابية التي شنت حربا على «ربيع الثقافة» حاضرة في فعالية تقدمها فرقة من جمهورية إيران الإسلامية التي تقول إن ما تقدمه فنا ملتزما يستحق المشاهدة.

لكن المفاجأة هو أنه على رغم الأداء المميز للفرقة الفنية الإيرانية المعروفة باسم «غوغا» في الموسيقى والغناء والعرض التراثي، لم يكن هناك حضور سوى من المنظمين وعدد قليل من الدبلوماسيين والصحافيين والمهتمين.

تأكدت حينها بأن الحرب على «ريبع الثقافة» هو نفسه ما يتردد في البحرين حاليا من أن هناك جهات دينية سياسية لها نواب يسعون بقوة للسيطرة على هيئة الإذاعة والتلفزيون والأقسام المؤثرة في وزارة الإعلام، ونجحت في تعيين «مبلغ» ديني للتلفزيون على غرار المبلغ الديني الذي يظهر على شاشة إحدى الفضائيات المعروفة، وأن تحرك هذه الجهة جاء بعد أن شعرت بأنه لم يبق خارج نفوذها الواسع سوى قطاع الثقافة والتراث الوطني.

وهكذا حصلت على عذر لمهاجمة فعالية لربيع الثقافة من أجل شن هجوم على الوكيل المساعد الشيخة مي بهدف الإطاحة بها والاستحواذ على هذا القطاع، كما نجح هذا الطرف باستخدام مفاهيم اجتماعية محافظة يمكن أن توصف بأنها «كلمة حق أريد بها باطل» لكسب نواب كتلة الوفاق والوقوف إلى جانبهم في شن الهجوم، لا بل نجحوا أيضا في تصويرهم على أنهم رأس الحربة في معركتهم تلك.

لقد بدا أن الأسبوع الثقافي الإيراني لا يعني المهاجمين على قطاع الثقافة في شيء اللهم سوى أن الشيخة مي ستحصل على المزيد من الهجوم المباشر لأنها فسحت المجال لفرقة إيرانية، وسيصيبها ما أصابها في العام الماضي عندما دعت الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، ويتمثل ما أصابها في احتجاج مباشر وإنذارات مبطنة لاستضافتها فعاليات ثقافية وفكرية من إيران.

ترى، هل ستتبرع «الوفاق» مرة أخرى لتكون رأس حربة كما ظهرت في ذلك الهجوم على «ربيع الثقافة»؟

أعلم بأن مثل هذا الكلام قد لا يريح بعض الجهات، لكن الحديث أصبح كثيرا في هذه الأيام وعلى المسئولين وممن يعنيهم الأمر أن يسمعوا ما يقال وما يدور، فدور الصحافة هو أن تكون مرآة تعكس ما يحدث في المجتمع من أقوال وأفعال.