لقد طالعنا العدد (5) من صحيفتكم بمقال تحت عنوان «من جمعية الصيادين إلى الصحافيين والمعلمين» لكاتبه عباس بوصفوان ونظرا لما انطوى عليه المقال من تناول غير صحيح وفي غير محله لوضعية جمعية المعلمين، ووضعي شخصيا كرئيس لهذه الجمعية الفتية والمستهدفة من أفراد معدودين لا يمثلون أي ثقل يذكر في مجتمعنا ويحاولون النيل من الآخرين من دون أدنى وجه حق أو قدرة على إثبات ما يدعونه، قررت وللمرة الأولى منذ العمل على تأسيس الجمعية حتى يومنا هذا ان أمارس حقي في رد هذه الاتهامات الباطلة، وعليه أرجو منكم التكرم بنشرها إحقاقا للحق، وعملا بمبادئ الصحافة الحرة التي تعطي الحق للجميع في الرد على ما يوجه لهم من اتهام على صفحات الصحيفة نفسها.
ومن المؤسف حقا ما صدر عن الأستاذ الفاضل عباس ابو صفوان (صاحب المقال) من كلام عار عن الصحة عن جمعية المعلمين (على رغم ان الموضوع قد اقحم بشكل لا يتناسب والبحث العلمي الرصين) وذلك في مقاله بصحيفتنا الموقرة «الوسط» في العدد (5) ليوم الأربعاء 11 سبتمبر/ أيلول 2002 في موضوعه عن جمعية الصيادين.
وذكر الأستاذ الفاضل ما نصه «الجدل الدائر - والذي لا يبدو انه سينتهي - في جمعية الصيادين يعكس نموذجا لما هو حاصل في جمعيات أخرى أنشئت حديثا. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يشير المراقبون إلى جمعية المعلمين التي لا يرأسها معلم، وإنما إداري يعمل في وزارة التربية والتعليم. وكان بعض المعلمين قد نبهوا مرارا إلى «سلبية ذلك على استقلال قرار الجمعية حاضرا ومستقبلا، وإضعاف قدرتها على اتخاذ مواقف متعارضة ورؤية الوزارة» لذلك يفضل هؤلاء ان تنحصر عضوية مجلس الإدارة في المعلمين العاملين في المدارس، ويعطى الإداريون في المدرسة، والاختصاصيون في الوزارة عضوية مشاركة لا تتيح لهم الترشيح والانتخاب» (انتهى كلام كاتب المقال).
وقبل الولوج في الموضوع أود ان أطرح هنا سؤالا حول: من هم المراقبون الذين عناهم الأستاذ؟ وما هي طبيعتهم الرقابية؟ وسؤال آخر يتعلق بالتصنيف الوظيفي الخاص بالاختصاصي حيث ذكر بأنني لست معلما وإنما إداري، من أين استقى كاتب المقال هذه المعلومة المغلوطة وما هي مرجعيته القانونية، علما بأن وظيفة الاختصاصي ليست إدارية حتى من النواحي التطبيقية.
لقد عانت جمعيتنا «جمعية المعلمين البحرينية» من ولادة عسيرة رافقت التأسيس منذ إرهاصاته الأولى بعد الانفراج السياسي الذي شهدته البلاد إبان إعلان الميثاق والسماح بتأسيس الجمعيات المختلفة ومنها المهنية، وقد تجاوز الجميع (محنة التأسيس) إذا صح التعبير (وهو بنظري صحيح، لمعايشتي الدقيقة والمريرة لكل تفاصيل الموضوع وأبعاده) بعد اللتيا والتي.
وقد صيغت بنود النظام الأساسي للجمعية وفق رؤية عبرت عن آراء الأطراف المختلفة التي كانت جمعيها ممثلة في اللجنة التحضيرية المخولة باتخاذ الاجراءات الخاصة بالإشهار من جميع المؤسسين، على رغم اعتراضنا (واعتراضي أنا شخصيا) كأحد الأطراف الممثلة في هذه اللجنة على آلية الإقرار وبعض بنود النظام، وهذا ما ثبت في محاضر اللجنة ومحاضر الجمعية العمومية الأولى والجمعية العمومية الاستثنائية كما يعرف بذلك تماما الأستاذ الفاضل صاحب المقال على رغم ادعاءاته التي حاول الترويج لها أثناء المناسبات المذكورة، وفشل في ذلك مرة بعد مرة نظرا إلى معارضتها من الغالبية الساحقة من الأعضاء وتعارضها مع القوانين والأعراف المعمول بها في الجمعيات المهنية وما ارتضاه الأعضاء لأنفسهم.
وأما عند الانتقال من العام إلى الخاص، فإن مناقشة وضعي كرئيس للجمعية يثير السخرية أكثر مما يثير الاستغراب، فقد تمت مناقشته بشكل مستفيض في الجمعية العمومية الاستثنائية التي عقدت خصيصا لمناقشة النظام الأساسي للجمعية، بحضور النصاب القانوني، ممثلين عن وزارة العمل والشئون الاجتماعية ومراقبين قانونيين ونقابيين يعرف الجميع حيادهم، وكان هناك تركيز واضح لجر الحوار نحو وضعي القانوني، وكان الأستاذ كاتب المقال أحد أطراف هذا الحوار بل ورافع رايته، لكنه وبعد توضيح وضعي الوظيفي بما لا يقبل اللبس أقر بقانونية وضعي وطلب الانتقال من الوضع الخاص إلى مناقشة بنود القانون نفسه.
وأرجو ألاّ يفهم البعض من كلامي هذا ان هناك تيارا بين الحضور كان يرى ما يراه الأستاذ الفاضل صاحب المقال، فقد مثل رأيه شذوذا لم يتفق فيه معه إلا عدد ضئيل جدا لا يعتد به من بين الحاضرين (لا يزيدون على 5 أو 6 أفراد على الأكثر). وهؤلاء كانوا إما ممن خسروا في انتخابات مجلس الإدارة أو ممن يحسبون عليهم، بل ان احدهم كان هو الذي صاغ البند الخاص بالعضوية وهو الذي أكد اكثر من مرة تخويله التام في اقرار القانون من قبل المؤسسين (وهذا مثبت في المحاضر ايضا). بينما لم تكن القضية مثار ادنى شك أو تساؤل لدى بقية الحضور، بل كانت موضع استغراب من المراقبين.
والتقيت بالاستاذ كاتب المقال بعد اختتام اعمال اجتماع الجمعية العمومية مباشرة انا ومجموعة من المعلمين، حينه أكد طويه لهذه الصفحة وعزمه الاكيد على نبذ الماضي وتجاوز الخلافات واستعداده للعمل معنا على تحقيق اهداف الجمعية وخدمة مصالح المعلمين (وقد صدقناه وشددنا على يده) ولكننا لم نره منذ ذلك اليوم، وبدل من ذلك نفاجأ بهذا الافتراء البعيد عن الصحة والذي يتعارض تماما مع ما وعد به الاستاذ مما ذكرناه آنفا من وعود ايجابية كنا نتمنى لو انه حقق واحدا منها.
نؤمن بحرية الرأي ولكل امرئ آراؤه التي يؤمن بها، اتفقنا معه أو اختلف معنا، ولكن لنا بعض الملاحظات على ما ورد في المقال عن الجمعية وهي كالآتي:
1- ان الحديث عن وضعيتي كرئيس للجمعية بهذه الصيغة لا اساس له من الصحة، لا قانونا، ولا سردا للحقائق، حيث تم انتخابي في جمعية عمومية شرعية حضرها (67) من أصل (70) عضوا مؤسسا، صوت منهم (64) وامتنع (2) وانسحب (1) نتيجة لاعتراض خاص لا علاقة له بشرعية الانتخابات. كما تم الاجماع على انتخابي رئيسا للمجلس في الاقتراع الداخلي، وتم تثبيت هذا الانتخاب قانونيا من خلال الجمعية العمومية الاستثنائية كما سبق ذكره.
2- سبق لك طرح الموضوع من خلال القنوات القانونية والحوار المفتوح المتكرر، ولم يحجر على صوتك ولم يصادر رأيك بل تمت مناقشته بشكل مستفيض وفي جمعية عمومية استثنائية.
3- لقد تعدى الاستاذ الفاضل وضعي القانوني (وكان يفترض بموضوعه ان يناقش هذه الاشكالية) إلى وضع افتراضات على أسس واهية مدعيا أن كوني اختصاصيا للمناهج في الوزارة سيمنعني من اتخاذ مواقف تتعارض مع وجهات النظر التي تتبناها الوزارة!! أليس الاختصاصي معلما بنص قوانين ديوان الخدمة المدنية والتصنيف الوظيفي لوزارة التربية والتعليم؟ أليس المعلم اختصاصي المناهج والمعلم الذي يعمل في المدرسة موظفين في وزارة واحدة، يخضعان للضوابط الادارية نفسها، والنظام نفسه والمخاوف والضغوط الوظيفية ذاتها؟، ام ان المعلم في المدرسة مجرد من كل هذه المخاوف وبعيد عن كل هذه الهواجس بحيث يكون اقدر على اتخاذ هذه المواقف؟، اذا المعول هنا على كفاءة الشخص الادارية ووضوح رؤيته وقدرته على المواجهة واتخاذ القرارات المناسبة وتحمل عواقبها، وقد يلجأ البعض إلى التخمين في من لم يجرب، أما التخمين مع من خبرت مواقفه وأثبت بعده عما تطرقت إليه فهو مما لا يجوز بكل المقاييس. ونتيجة لبعدك عن الجمعية وعدم معرفتك بأسلوب ادارتها - أو تجاهلا لما تعلمه - من استقلالية موقف يصعب تحقيقها، فقد تركت الحديث عن الواقع لكي تصيغ التوقعات. مع انني معلم في بعض المعاهد الخاصة كما تعلم، وكما سبق ان اوضح لك مرارا، والقانون يقول عن العضو العامل المتمتع بالحقوق كافة (ان يكون منتسبا لاحدى الهيئات أو المؤسسات التعليمية العامة أو الخاصة في مملكة البحرين).
4- اختيارك للتوقيت، حيث بدء العام الدراسي وعودة المعلمين إلى المدارس، وهذا مما قد يعطي انطباعا خاطئا بوجود اشكاليات مازالت تحيط بالجمعية وطبعا سيؤثر هذا سلبا بشكل او بآخر على تجاوب المعلمين مع الجمعية.
5- وهل يجب ان يكون هناك تعارض بين الجمعية ووزارة التربية والتعليم لكي اثبت انا جدارتي في قيادة الجمعية وتحمل مسئولية قيادتها؟ وهل سيعين هذا التعارض على تحقيق الاهداف التي نسعى من اجلها كمعلمين؟، أليس الاولى بك الحديث عن المواقف المستقلة والصيغ التكاملية في العمل والاحترام المتبادل بين الجمعية والوزارة؟
فهل فعلا كان اقحام هذا الموضوع حلا امثل أو أوحد امام صاحب المقال للترويج لرأيه، بعد ان فشلت مساعيه في الطرق القانونية والرسمية؟ وهل نستطيع ان نعد هذا دليلا على حرصك على الجمعية وتطورها؟ وهل هذا هو ما وعدتنا به من عمل على توحيد الصف ونسيان الماضي والعمل على تحقيق الاهداف التي يسعى إليها المعلمون جميعا؟
لم تكن الهجمة منذ البداية موجهة إليّ شخصيا، ولكنها موجهة على الدوام إلى ما امثله وإلى التيار الذي انتمي إليه فكرا وعقيدة. وهي موجهة إلى المبادئ التي احملها مع اخواني الافاضل في مجلس الادارة لخدمة قطاع المعلمين من دون ادنى تمييز، وكانت هذه الهجمة واضحة المعالم منذ البداية في كل ما كتب عن الجمعية، وواجهه مجلس ادارتها من صعاب، وقد سكتنا (مجلس الادارة) على مضض تغليبا للمصلحة العامة وايثارا على انفسنا، ولكن البعض لا يقيم السكوت ترفعا وحلما، بل ضعفا وانكفاء، وهذا بعيد عنا كل البعد ولا يتناسب مع ما نؤمن به، إلا اننا آثرنا دائما رأب الصدع والعمل على لم الشمل، وتكريس وقتنا للعمل، فهذه جمعية مهنية وجدت لتخدم كل المعلمين ايا كان انتماؤهم السياسي أو العقائدي وهذا ما عاهدنا عليه انفسنا والآخرين، وهذا ما عاهدنا عليه الله ونعمل وسعنا لتحقيقه.
ايها الاستاذ الفاضل،،، كان الاليق بقلمك ان يتوجه إلى المعلمين في بداية عامهم الدراسي للتعريف بالجمعية واهدافها، وما حققته من انجازات في زمن قياسي وظروف صعبة، وان تدعوهم إلى الالتفاف حول الجمعية والانضمام إلى عضويتها خدمة لمصالحهم وتأكيدا لوجود فاعل للمعلمين على خريطة العمل المؤسسي والمهني، وانضمامهم هذا لا يخدم افرادا معينين بل يخدم الجمعية كمؤسسة تمثل قطاع التعليم العريض. واذا ما كانت تقود العمل في الجمعية اليوم اسماء معينة، فإنها لن تكون موجودة في هذا الموقع إلى الابد، واذا ما رغب الاعضاء في تغيير تلك الاسماء، فإن ذلك متاح بالطرق الديمقراطية الشرعية، وللمعلمين ان يختاروا لأنفسهم من يرتضونه لقيادة الجمعية.
يبدو اننا - كمجتمع - لم نعِ بعد الفكر المؤسسي الذي نتشدق به في كل لحظة، وأننا مازلنا نمارس القفز بين المفاهيم، تحتها وفوقها بوعي أو من دون وعي، نختار ما يلائم رغباتنا الخاصة ويحقق مصالحنا الضيقة، من دون النظر إلى المصلحة العامة ومن دون وجود معرفة حقيقية بكيفية العمل في إطار المؤسسات (مدنية كانت أو غيرها).
القلم امانة، والكلمة امانة، ونحن (مجلس الادارة) فقلوبنا مفتوحة وصدورنا تسع منك ومن جميع المعلمين كل ما من شأنه تطوير الجمعية والعمل على تحقيق آمال المعلمين بل والمجتمع بأسره اذا ما قدر الله لنا ذلك
العدد 17 - الأحد 22 سبتمبر 2002م الموافق 15 رجب 1423هـ