كتبت يوم أمس أن «المؤتمر القومي كان ينبغي ألا يقتصر على أبناء طيف سياسي واحد، بل إن المؤتمر، هو لكل من يمت ويؤمن بالفكرة القومية ووحدة المصير بين العرب. الآن وقد جرت المقادير والترتيبات على الإقصاء فإن نتائجه حتما ستكون إقصائية». وكأني لم أكمل كلامي حتى رأينا النتائج وقد تمخضت فتنة!
ليس لي من رأي يخالف ثوابت وإلتزامات الإنسان العربي والمسلم، إنما كمراقب لمآلات الترتيبات وطبيعة الأشياء ونتائجها لمست اعوجاجا ما في أمر القائمين على هذا المؤتمر المنعقد بالمنامة والذي يستضيف كوكبة عريقة من إخوتنا المناضلين العرب.
الالتزام بالثوابت العربية والإسلامية ليس مقرونا فقط بحضور مؤتمر هنا أو الموافقة على زعامة شخصية معينة هناك... الالتزام بالثوابت العربية كل لا يتجزأ، ومادمنا في حضرة المشهد الحالي نتحدث عن الالتزام بالثوابت القومية فإنني أطرح مداخلاتي على القائمين على أمر المؤتمر في شأن هذه الثوابت.
إذ ما يثير الدهشة هو الصمت الذي لازم القائمين على المؤتمر القومي عن مسألة التطبيع مع العدو الصهيوني؟ وهي عمود من ثوابتنا العربية والإسلامية. فبالأمس القريب زارنا وفد اللجنة اليهودية الأميركية برئاسة ديفيد هاريس واجتمع مع كبار المسؤلين في المنامة. وبتاريخ 2 أبريل/ نيسان، الشهر الماضي، تحدث سفيرنا في واشنطن أثناء حضوره لعيد الفصح الذي تقيمه اللوبيات الصهيونية متمنيا ومطالبا بإعادة اليهود الذين هاجروا من المنطقة العربية، وأبدى سعادته الندم؛ ليس لما يجري لإخوتنا في العراق أو فلسطين، بل لهجرة اليهود من الدول العربية! وطالب بفتح الحدود مع الكيان الصهيوني. كما أن وزير خارجية البحرين أعلن بضرس قاطع اختراق كل الموانع مع الكيان الصهيوني وذلك في حديث له مع إحدى الصحف المحلية. يحدث كل ذلك والقائمون والجهة الراعية للمؤتمر في صمت مريب!
والسؤال المطروح عليهم، عن أي ثوابت قومية وإسلامية تتحدثون؟! لم ينبس أحد منكم ببنت شفة ألبتة! لم يكتب أحد منكم حرفا واحدا عن هذا الأمر، ألا يعتبر سكوتهم بمعيار الثوابت والإلتزامات العربية والإسلامية خيانة؟! أو أقلها تخاذلا عن القضية الأولى (فلسطين)؟!
نار التطبيع مع الكيان الصهيوني تحرق بيوتنا ونحن نتحدث عن إيران وأطماع إيران - التي لاشك لعاقل - في أن لها أطماعا، ولكن الخطر الأكبر ليس من إيران، وطالما كتبنا عن ضرورة المفاهمة مع إيران إذ هي جارٍ جغرافي لا فكاك منه، والعقل والمنطق يقولان بالتفاهم والتعاون إن أمكن. ولكن أن تتحول إيران إلى بعبع مرعب أكثر من أميركا والكيان الصهيوني فأعتقد أنها حالة مرضية يبغي معالجتها!
ليس من حق أحد المزايدة على أهلنا في فلسطين أو أبطال «حزب الله» في الجنوب اللبناني، أو أبطال مقاومة المحتل الأميركي في العراق، وليس من حقنا أن نعلمهم ما يفعلون وما لا يفعلون، فأهل مكة أدرى بشعابها، وإن كانت لنا من كلمة فإنها تصب في خانة حقهم في المقاومة بالشكل الذي يرونه مناسبا لهم. ولن ننطلق خلف هتافات التخوين لأي فصيل مقاوم للعدو المحتل الأميركي أم الصهيوني... فهؤلاء هم شرف الأمة ودرة تاجها. ونسأل الله الهداية للجميع لما فيه خير ووحدة الأمة العربية، ويجنبها الفتن التي يسعى البعض إلى إشعالها!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1699 - الثلثاء 01 مايو 2007م الموافق 13 ربيع الثاني 1428هـ