عرض فيلم السياسي الأميركي الأشهر «أل غور» في جمعية المنتدى ضمن مجمع الجمعيات بالقضيبية. كانت ليلة مميزة من فعاليات جمعية أصدقاء البيئة خارج مقرها الرئيسي بمدينة حمد. حضر الفعالية أميركيون وبريطانيون وهنود وبحرينيون وعرب من جنسيات أخرى. كان من بين الحضور تمثيل من الشورى والبرلمان والصحافة ومؤسسات المجتمع المدني غير البيئية.
جمعية أصدقاء البيئة عرضت فيلم «حقيقة غير مريحة» الحائز جائزة الأوسكار العالمية للعام 2007 لأفضل فيلم وثائقي، لترسل من خلاله رسائل بيئية للبحرين؛ خصوصا بعد تصويت نواب الشعب بتمرير مشروع مؤسسة جسر قطر - البحرين من دون أن يكون لديهم يوم تصويتهم أية ضمانات لحماية البيئة البحرية أكثر مما كان لديهم يوم صوتوا على تأجيل البت في المشروع إلى حين استكمال المعلومات والتأكد من أنهم (كنواب للشعب) قد أدوا الأمانة واطمأنوا على البيئة البحرية (النعمة الكبرى التي وهبها الخالق للبحرين لتبنى عليها حضارة البحرين على مر العصور) بحسب اتفاقهم مع ممثلي مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالبيئة. وكذلك في ظل جو من الشحن الإعلامي المتعمد من عدد من نواب الشعب والمجالس البلدية ضد البقية المتبقية من التمثيل الأخير لبيئات المياه العذبة في البر «الحزام الأخضر»، أو كما قال أحد حضور الفعالية البيئية: «بات تدمير البيئة الشغل الشاغل لنوابنا ومجالسنا البلدية برا وبحرا...».
في ظل كل ذلك الهجوم القاسي على البيئة من قبل «المؤتمنين» من ممثلينا، تعرض جمعية أصدقاء البيئة فيلم «حقيقة غير مريحة» لترسل للبحرين من خلاله رسائل بيئية توعوية مهمة كعادة هذه الجمعية التي ما انفكت تدعو وتوعي وتحذر وترسل الرسائل البيئية وتنشر بذور المشروعات البيئية في كل مكان على أمل أن ينهض لهذا الوطن فرسان من كل مكان يحملون لواء الحفاظ على بيئته من مواقعهم المختلفة.
الرسائل من عرض هذا الفيلم البيئي العظيم، الذي لا يكاد مؤتمر بيئي يخلو من مشاهد منه ولاسيما ذوبان الجليد ومعاناة البشر من جراء الفيضانات والجفاف والأعاصير، يمكن تلخيصها في ثلاث رسائل أساسية.
الرسالة الأولى: المصالح الاقتصادية والسياسية تغلب على مصالح البيئة ومصالح الناس بفعل قلة من أصحاب رؤوس الاموال الذين يحركون القرار السياسي. وهذا الحال في أميركا وليس في البحرين وحدها. وهذا وضع يجب التنبه له من قبل المتضررين وهم غالبية الناس ومقاومته وعدم الوقوع ضحايا لغياب الوعي.
الرسالة الثانية: السياسيون (ومن خلفهم الإعلام والناس) ينتقلون في مواجهتهم للقضايا البيئية المهمة من مرحلة الإنكار إلى مرحلة اليأس؛ فهم في البداية يرفضون تصديق أن هناك مشكلة ويصرون على أن كل شيء على ما يرام وأن ما يقوله البيئيون ليس سوى تهويل (على غرار فقد الثروة السمكية وتدمير الموائل والقضاء على الحزام الأخضر) فلا يتم التعاطي معها كمشكلات تمر بمراحل الاهتمام والدراسة والتحليل حتى الوصول إلى حل بل تهمل ويتم تجاهلها. ثم فجأة وعندما ينجح البيئيون في إثبات خطورة المشكلة وتتفاقم المشكلات البيئية إلى حد لا يمكن لأحد إنكاره، ينتقلون (وينقلون معهم الناس) من مرحلة الإنكار مباشرة إلى مرحلة اليأس والإحباط التام إذ «لا يمكن عمل أي شيء الآن لإنقاذ البيئة» فلقد «تدمر كل شيء وما تبقى ليس سوى قليل تافه مقارنة بما خسر» وهو أيضا «مصيره للدمار ولا يمكن منع ذلك».
والرسالة هنا أن الحالين خطأ وأن المساحة التي ركزت جمعية أصدقاء البيئة عملها من خلالها هي المساحة ما بين هذين الحالين والتي وحدها تستحق العناء ولا تكون إلا به أيضا. يشمل هذا العمل (والعناء) الاعتراف بوجود المشكلة كبداية وتحديد حجمها ودرجتها ووضعها الحقيقي وتفاصيلها والسيناريوهات المستقبلية المحتملة لها وبذل الجهود لمحاولة معالجتها. وهذا ما على الجميع الانضمام إلى جمعية أصدقاء البيئة وأحلافها فيه بدل الوقوف موقف المتفرج أو غير المبالي لما يجري.
الرسالة الثالثة: الإحباط الذي سيطر على البيئيين من جراء خذلان النواب لقضية البيئة لصالح حساباتهم الخاصة (كائنة ما كانت)، يجب أن يتوقف مع إدراك أنهم ليسوا أول ولا آخر من سيبيع قضايا البيئة لصالح قضايا سياسية أو مكاسب اقتصادية؛ وأن الدفاع عن البيئة في المرحلة القادمة يجب أن يبنى على فهم ذلك الواقع.
ألا تتفقون معي أن الفيلم يتحدث عن حقائق غير مريحة؟
إقرأ أيضا لـ "خولة المهندي"العدد 1699 - الثلثاء 01 مايو 2007م الموافق 13 ربيع الثاني 1428هـ