العدد 1698 - الإثنين 30 أبريل 2007م الموافق 12 ربيع الثاني 1428هـ

القوميون... وضياع البوصلة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

طرح الكاتب العربي المصري فهمي هويدي سؤالا عبثيا إلى حد الجنون: إيران أخطر أم «إسرائيل»؟ في سياق مفارقات زماننا وعجائبه الذي يحتاج إلى جهدٍ لإثبات البديهيات كما قال، وهو سؤالٌ لا يبدو غريبا وشاذا فحسب، وإنما يعبّر أيضا عن درجةٍ عاليةٍ من الخلل في الرؤية والتفكير.

هذا الخلل الاستراتيجي في التفكير، يخدم «إسرائيل»، لأنه يصرف الأنظار عن جرائمها المتمادية منذ ستين عاما، ويسهم في التحريض ضد إيران تمهيدا لضربها، الأمر الذي يتوّج «إسرائيل» قوة عظمى في المنطقة.

هويدي الذي لا يمكن اتهامه بـ «الصفوية» بأي حال، لم يهدف إلى تبرئة ساحة إيران أو الدفاع عن سياساتها، بل التنبيه إلى الخلل في ترتيب أولويات المخاطر التي تهدّد الأمة العربية. وقد أشار إلى تصريح إيهود أولمرت الذي امتدح فيه أجواء قمة الرياض، باعتبار المدح من دسائس المكر الإسرائيلي الذي أراد أن يقنع العرب بأن إيران هي الخطر الأكبر عليهم، وبالتالي يجب الاستنفار ضدها، فيما تخصّصت بعض الأقلام العربية في التخويف المستمر من إيران. ويحذّر من أنه «إذا نجحت في تحريضها على ضرب إيران وكسر إرادتها، فإن تركيع العالم العربي واستتباعه للهيمنة الإسرائيلية والأميركية سيكون الخطوة التالية» وهو أمرٌ لا يفقهه الموتورون.

العرب اليوم يلومون إيران لأن لها مشروع دولة «مستقلة»، ولا يسألون أنفسهم عن مشروع استقلالهم وهم 22 دولة متنافرة، لا يكادون يُجمِعون على رأي أو خطةٍ أو حتى هدفٍ في الحياة! نلعن الآخرين على دفاعهم عن خياراتهم ومصالحهم وأراضيهم، ولا نحاسب أنفسنا ان أصبحنا غثاء كغثاء السيل... بلا خيارٍ ولا بطيخ.

الدولة التي نلعنها كل يوم، هي التي تدعم مواقع الممانعة والمقاومة في لبنان وفلسطين، وتمدّها بالمال والسلاح والإعلام، بينما نحن في العالم العربي نمنع وصول تبرعات شعوبنا إلى الفلسطينيين المحاصرين، التزاما حرفيا بفرمانات «تجفيف منابع الإرهاب» الأميركية.

الدولة التي تنتخب رئيسها ونوابها كل أربع سنوات، اختصرناها في «الصفوية» لنكذب على أنفسنا ونضلّل شعوبنا، وننسى أننا مازلنا نعيش في عهد الإقطاع السياسي والاقتصادي والإعلامي... في ذيل أمم الأرض. حكوماتٌ مستبدة، وأنظمةٌ تستمد شرعيتها من تدجين شعوبها وخنق صوتها وقمع تطلعاتها، ورؤساء يورّثون الكراسي لأبنائهم على رغم أنف كل القوانين والدساتير! ثم نهرول إلى «إسرائيل» نستجدي أن تقبل الجلوس معنا على طاولةٍ واحدةٍ لمناقشة مبادرتنا «العربية»، فيتمنّع الطرف الآخر ويرفض أسخى عرضٍ قدّمته أمةٌ مهزومةٌ في التاريخ: «التطبيع بشكل جماعي»، على رغم كل المغريات والمشهيات: التنازل عن حق عودة اللاجئين، وكأن الأوطان المحتلة أصبحت ملكا خاصا لهذا الحاكم أو ذاك!

خصام الشعوب العربية مع حكّامها خصامٌ قديم، ولكن الجديد المدهش أن تجتمع 600 شخصية عربية في مؤتمر قومي، فتسمع أصواتا تتردّد كالببغاء صدى لكلمات أولمرت، إرضاء لنزعةٍ انعزالية شوفينيةٍ مقيتةٍ، هي على الضد تماما من أشواق وآفاق المشروع القومي المأمول، بعد أن تعرّض المؤتمر إلى عملية خطف على يد بعض الشعوبيين الانعزاليين.

كلمة أخيرة

إن كان للمؤتمر القومي أن يفشل، فعلى رأس أسباب الفشل الشخصيات الإستئصالية المريضة بعبادة الطغاة القائمة على تنظيمه. ففي اليوم الأول أثارت زوبعة في كلمةٍ تنقصها البصيرة التاريخية؛ وفي اليوم الثاني أثارت زوبعة أخرى بعرض فيلم طائفي أثار العراقيين وغير العراقيين لأنه يخدم مشروع الاحتلال الأميركي لتفتيت العراق؛ أما في اليوم الثالث فختامها وصف الصحافيين بـ «الحمير»! شخصيةٌ فوضويةٌ وسوءُ خلقٍ وقلة شعورٍ بالمسئولية الوطنية... لا تمثّل شعب البحرين، يستهويها العبث بأمن الوطن والقومية وكرامات البشر.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1698 - الإثنين 30 أبريل 2007م الموافق 12 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً