العدد 1697 - الأحد 29 أبريل 2007م الموافق 11 ربيع الثاني 1428هـ

المؤتمر القومي والفخاخ الثلاثة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

فيما تستضيف المنامة 600 شخصية قومية من شتى الأقطار العربية، يتطلّع المراقبون إلى صدور قراراتٍ وتوصياتٍ متوازنةٍ تخدم الأمة، في عصرٍ يشهد اختلالا شديدا في القوى والموازين العسكرية والسياسية والاقتصادية والعلمية و... القِيَمِية أيضا.

هناك عدّة تحديات أمام المؤتمر القومي الثامن عشر، ستحكم على مدى فشله أو نجاحه في أن يكون جسرا بين العرب والشعوب الأخرى، في وقتٍ تمكّنت فيه جماعاتٌ من المتطرفين والانتحاريين من تشويه صورة الإسلام والأمة العربية، حتى أصبح العالم ينظر إلينا كأمّةٍ من الوحوش الضارية.

أوّل هذه التحديات في هذه الحقبة الحرجة من تاريخنا، هو عدم الوقوع في الفخ الطائفي الذي نصبه المحتل الأميركي للمنطقة، بعد أن أصبح مخرجه الوحيد من المأزق العراقي هو إشعال المنطقة بالفتنة الطائفية. ومن أسفٍ أن بعض الأطراف العربية، شعبية ورسمية وحزبية، مستعــدةٌ للمضي مع مشروع الفتنة الأميركي حتى الأخير. وما نخشاه أن يتمكّن بعض هؤلاء من جرّ المؤتمر إلى هذا المستنقع، فيتم إغراق الهمّ القومي في الطائفي. وما حدث عصر أمس من عرض فيلم طائفي أكبر دليل على ذلك، بما أثاره من ردود فعل شديدة، حتى بين العراقيين الحاضرين، لما احتواه من طرحٍ طائفي بغيض، يصب في خدمة مشروع الفتنة الأميركي وتفتيت وحدة الشعب العراقي الشقيق.

بطبيعة الحال، لا يمكن القفز على المشكلة العراقية التي تؤرقنا جميعا، ولكننا نجد أنفسنا أمام بوادر لاتجاهاتٍ منحرفة، بالصمت على ما يجري في العراق من عمليات إرهابية تستهدف المواطنين العراقيين بشكل يومي، بينما تثور الثوائر لعمليات القتل والإرهاب في العواصم العربية الأخرى. وهكذا نقع فيما نتهم به الأميركيين من معايير مزدوجة، نمارسها نحن العرب بتلذذٍ في التمييز بين الدماء العربية، فقتل المواطن المصري أو السعودي أو الجزائري يوجب غضب السماء، بينما قتل العراقي يضمن لأصحابه الجنة!

التحدّي الثاني هو الخروج بخطاب إنساني جامع، بعد أن اتخذ خطاب البعض منحى عنصريا بغيضا، وهو ما تنبّه له رئيس المؤتمر معن بشّور فانسحب أثناء إلقاء كلمةٍ عنصريةٍ متشنّجةٍ من إحدى الحاضرات المعروفات بعبادة أعتى الديكتاتوريين العرب. بشور دعا في أدبٍّ إلى «الابتعاد عن التعبيرات التي تفوح منها رائحة لا تنسجم مع الفكر العربي المنفتح على الشعوب»، نافيا أن يكون الفكر القومي عنصريا. فالقضية ليست تلاعبا بالألفاظ الخاوية من قبيل «الاحتلال الصهيو/صفوي»، وإنما ما يدل عليه ذلك من غباءٍ استراتيجي يضع دولة «ممانعة» إسلاميةفي خانة الأعداء.

الأمين العام لجمعية «وعد» إبراهيم شريف، اعتبر إطلاق هذه التعبيرات بأنه «موقف سئٌ للغاية»، وهو ما تجمع عليه غالبية أطياف الشعب البحريني المعروف بانفتاحه واعتزازه بعروبته وإسلامه، وترفعه عن القيم الجاهلية والروح الانعزالية. وما نأمله ألا تنعكس مثل هذا الآراء المتطرفة على قرارات وتوصيات المؤتمر... رحمة بالعروبة والعرب.

التحدّي الثالث هو أن نعرف حجمنا كعرب، فنحن كتلةٌ بشريةٌ متشرذمة، لا تزيد عن ربع حجم الدائرة الحضارية الإسلامية، ومن الخطأ القاتل إثارة النعرات العنصرية والقوميّة، واستعداء أقرب الشعوب الإسلامية إلينا، خصوصا إننا أمةٌ ضعيفةٌ لا تملك قرارها في هذا المقطع الزمني، ويزيدها سفهاؤها ضعفا على ضعفٍ بفعل هذه المواقف الانعزالية المتطرفة.

مهما تكن النوايا طيبة والآمال كبيرة، فإن الأمل الذي يحدو المؤتمرين باقتراح مشروع للنهوض العربي، سيبقى حبرا على ورق، ما لم يتم التنبه لهذه الفخاخ التي تهدد مشروع الحلم.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1697 - الأحد 29 أبريل 2007م الموافق 11 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً