على طاري «الضرب بيد من حديد»... هل يمكن تخيل الألم الذي يمكن أن يجعلنا «نتعفرت» من الوجع لو – لا قدر الله – ضربنا أحد يملك يدا حديدا على يدنا أو على كتفنا أو جاء «سطار» مباغت من تلك اليد على أحد الساطرين الأيمن أو الأيسر، أو حتى «مشع شعرنا» بها؟ وهل نستطيع تقييم مدى البشاعة في مثل هذه العبارة التي تستخدمها كثيرا دول عربية وإسلامية وغيرها لتحذير شعوبها من العقاب سوء العاقبة (في حين أنها لا تنبس ببنت كلمة في وجه أعدائها وأسيادها الذين يهددون استقلالها)؟ هل يعقل أن يكون مثل هذا الخطاب الحديدي الناري شكلا من أشكال الممارسة الديكتاتورية المغلفة بالديمقراطية؟
في ظني، أن هذا المصطلح سيدفن في غضون سنوات قليلة في كل المجتمعات... حتى الديكتاتورية منها؟ لكن ما لنا وما لهم، دعونا نتحدث في همنا نحن يا جماعة، وبعد ذلك يحل مشكلة اليد الحديد ألف حلال؟!
هذه المقدمة، أريد منها الإشارة الى العتاب واللوم والهجوم القوي الحديدي تارة، والمهادن تارة أخرى... والصراخ الرفيعة حناجره تارة، والخفيضة تارة أخرى، على ما طرحه الكثير من الكتاب، ونحن منهم، بشأن الاضطرابات الأخيرة والمواجهات التي كان لها العنف شعارا والتخريب والحرائق والتحريض محركا، حتى أن البعض اتهمنا بأوصاف وكلمات لا يمكن قبولها، ونحن في الحقيقة، نلتمس العذر لكل الإخوة والأخوات الذين اتصلوا متفاعلين وراغبين في تقديم وجهة نظر في شأن الحوادث.
وللأمانة، وعلى رغم أن الأحبة يحملون مسئولية استمرار وتصاعد العنف للطرفين المتقابلين في الميدان، إلا أن هناك اتفاقا أيضا على أن الأخطاء يجب أن تخضع للتشريح... فمن جهة، لا يمكن أن يتلكأ الناشطون وأصحاب الأصوات المؤثرة ومنهم العلماء الأفاضل، ويغيبوا عن الساحة لتوجيه الشباب وإعادة إرسال ما نهوا عنه من أعمال عنف وحرائق، كما يجب على الدولة أن تتحدث بلسان المواطنة والحقوق للجميع، كما هو شأن الواجبات على الجميع.
ولسنا نختلف مع هذا الطرح، ولكن لابد من التذكير بأننا وقفنا ولانزال متمسكين بموقفنا الداعم للمسيرات والمطالبات والاعتصامات السلمية التي تحظى بالتغطية الإعلامية والمتابعة والدعم من خلال المقالات والأعمدة، بيد أنه من الصعب أن نرى البلد تحترق ولا نعرف أصلا من هؤلاء المجهولين/ الملثمين/ المخربين/ الفاسدين/ المغررين... والقائمة تطول، لكن الذي نعرفه جيدا أنه ليس في الصالح العام إعلان الفرح بحريق هنا واسطوانة غاز تنفجر هناك... وهذا الشباب موجه إلى الشباب! كما أننا، نعرف جيدا أيضا، أن على الدولة أن تبادر، وكما أوصى عاهل البلاد بالشباب، فإن الرسالة الواضحة المرسلة إلى جميع المسئولين هي: انظروا إلى كل المجتمع...
فهل من نظرة حقيقية يا مسئولينا الأعزاء؟
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1696 - السبت 28 أبريل 2007م الموافق 10 ربيع الثاني 1428هـ