العدد 1688 - الجمعة 20 أبريل 2007م الموافق 02 ربيع الثاني 1428هـ

أحاديث ولي العهد وتطلعاتنا

فوزية مطر comments [at] alwasatnews.com

منذ الإعلان عن المشروع الإصلاحي وطرح ميثاق العمل الوطني أخذت تتكون وبسرعة لدى الكثير من المواطنين اتجاهات ايجابية متفائلة نحو سمو ولي العهد ونحو الدور المحرز المتوقع أن يلعبه هذا الرجل لمستقبل البحرين. وذلك في ظل ما تُظهره توجهاته من اعتماد التخطيط المستقبلي لهذا الوطن ومواطنيه ومن صدقية وإخلاص وعزم على الانجاز. وقد ساهمت في تكوين هذه الاتجاهات الأحاديث الإعلامية التي أدلى بها سموه بين وقت وآخر محليا وخارجيا، والتي اتصفت بالجرأة والصراحة وبعزم قوي على المضي قدما في تنمية هذا المجتمع وتحديثه.

ولا أخفي حقيقة أنه وعبر ما جرى خلال مسيرة الإصلاح في الخمس سنوات الماضية كان الشك والتخوف يتسرب أحيانا للنفوس ويكاد يفقد المرء ما زرعه سمو ولي العهد فينا من تفاؤل بما يضطلع به من دور في وضع البحرين على عجلة النماء والتطور. وهنا لا يمكن إنكار أن ما أُجري من تعديلات دستورية أذهبت بكثير من صلاحيات نواب الشعب المنتخبين كان القشة الأولى. خصوصا وقد كان سموه قد صرح في واحد من أوائل مؤتمراته الصحافية 4 فبراير/ شباط 2001 بأنه «لن يكون هناك أي تغيير في الدستور بل هناك تعديلات من أجل أن يواكب التطورات المؤسساتية في البحرين». تواتر بعد ذلك إصدار حزمة من المراسيم بقوانين طالت الحريات العامة وكرست تقييدها.

هل كان مخططا لذلك أم هل فرضته التطورات على الأرض كردات الفعل المتطرفة في صفوف المعارضة؟ لا نعلم، لكن ما نعلمه أنه في الوقت الذي واصل سمو ولي العهد خططه وخطواته الإصلاحية تواصلت عناصر الفساد تعيث في خيرات البحرين وفي نظمها الإدارية. وانكشفت أمام المواطنين زوايا مخفية في دروب الفساد والمفسدين، بالإضافة لذلك ظل المواطن يشكو افتقاره لأولويات الحقوق الحياتية من عمل وسكن وعيش كريم.

على رغم ذلك احتفظنا بثقتنا في سمو ولي العهد ودوره القيادي وتابعنا ما يقوم به من عمل كبير في مجالات التنمية الاقتصادية وما يرتبط بها من تدشين مشروعات اقتصادية جديدة وخطوات إصلاح سوق العمل والبدء بتطوير التعليم والتدريب. ولاحظنا الحرص على تطوير البنى التحتية المتطلبة متمثلة في تطوير القاعدة الكهربية للبلاد وتطوير الطرق وتشييد الجسور وشبكة الاتصالات وإصلاح قطاعات اقتصادية معينة وغيرها.

في لقاءاته الصحافية الأخيرة مع صحيفتي «الوسط» 25 مارس/ آذار2007 و «الأيام» 2 أبريل/ نيسان 2007 كان سمو ولي العهد صريحا في طرح تصوراته عن الوضع البحريني الراهن، بشأن ما أُنجز وعن المعوقات التي واجهت وتواجه خطط التنمية ومشروعاتها. عدّد سموه ما أنجزه مجلس التنمية الاقتصادية واعتبر أن المجلس استطاع أن يكون منتجا بما قام به من انجازات وما بحوزته من مشروعات إصلاح وتطوير كثيرة. في الوقت ذاته تحدث سموه عما واجهه ويواجهه هو وفريقه من مصاعب تتمثل فيمن أسماهم سموه: «الذين وقفوا ضدنا في تطبيق ما طرحناه من مشروعات».

وأوضح سموه أن المصاعب الجدية التي تشكل عقبة في وجه مشروعات التنمية الاقتصادية هي كون البحرين تعاني من نقص كبير في الموارد البشرية المدربة، ما يضع أمامنا مهمات أساس هي التركيز على القوة البشرية والاستثمار في التعليم.

وقد وضع سموه على رأس التحديات التي تحتاج لأولويات المعالجة موضوع السكن وتدني الأجور ومواجهة الطائفية. وعلى صعيد التنمية الاقتصادية أشار سموه إلى أهمية النظر إلى العالم والتشارك مع الدول الأخرى في عملية التنمية الاقتصادية للمجتمع.

وذكر أن دولة صغيرة كمملكة البحرين لن تستطيع أن تزدهر إلا بالتعاون مع أفضل الخبرات في العالم. وذلك يتطلب الابتعاد عما يهدد الحريات العامة والفردية في المجتمع، كما يتطلب الإيمان بأن اختلافنا قوة لمجتمعنا وليس ضعفا. وخلال أحاديثه توجه سمو ولي العهد أكثر من مرة بنداء شخصي لكل مواطن بحريني أن ينتمي لحركة الإصلاح الجديدة وتمنى من رجال ونساء البحرين مشاركته بهذه المسيرة داعيا الجميع للتجاوب والمشاركة.

ندرك كم هو الحمل ثقيل والمسئولية عظيمة لمواجهة الإشكالات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها مجتمعنا. ونقدّر تصدي سمو ولي العهد لتلك المسئولية العظيمة ونحسب أن كل مواطن بحريني في أي موقع كان لا يتأخر عن دعم جهود النهوض بمجتمعه. وكذلك نعرف ويعرف المواطن البحريني أن خطط التنمية والتطوير تحتاج ما يكفي من الوقت وما قد يطول من زمن للانجاز وجني المردود لصالح المواطن. وندرك وكذلك يدرك المواطن أن التنمية الاقتصادية ومضاعفة الدخل الوطني مرتبطة بالتشارك مع الدول الأخرى ومرتبطة بعجلة الاقتصاد العالمي.

لكننا بالمقابل نؤكد أن جوانب تنموية وخدمية للمواطن ظلت معطلة لأكثر من ربع قرن (إسكان، منشآت خدمات صحية، تدني الأجور وندرة تحسينها... الخ). وقد نتج عن ذلك تضاعف أعداد المواطنين الذين يصطفون - من جهة - في طوابير انتظار الخدمات الأساسية - ومن جهة أخرى - الذين يقفون على خط الفقر. والسؤال التالي يفرض نفسه هنا: كيف لنا أن نتوقع استجابة وصبرا وانتظارا من قطاع واسع من المواطنين وهم يواجهون أكبر الصعوبات لتلبية احتياجاتهم الأساسية في الحياة واحتياجات أسرهم. نقول احتياجات أساسية للحياة وليست كماليات يمكن تأجيلها. كيف ينتظر المواطن احتياجات حياته الأساسية والعمر يمضي به وبعائلته وهو يعايش أصعب الظروف للحصول على سكن أو علاج أو أجر معقول يديم به حياته ويحفظ كرامته. إنه بأمس الحاجة لأسرع الحلول وليس بوسعه انتظار الزمن أو انتظار الناتج المتوقع للتنمية الاقتصادية.

نؤيد سمو ولي العهد ونقف دعما لجهوده الكبيرة باتجاه التنمية الاقتصادية للمجتمع. لكن علينا جميعا أن نستمع لأسئلة المواطن الذي يسحقه شظف العيش وعلينا أن نسعى للإجابة عنها. المواطن يتساءل: أين ذهبت الأموال التي جنتها البحرين خلال السنوات القليلة الماضية من الارتفاع الهائل في أسعار النفط الذي لايزل يشكّل مصدرا معتبرا للدخل الوطني؟ وهل للطفرة العمرانية المتزايدة علاقة بتحسين مستوى معيشة المواطن وهل ستساهم في حل احتياجاته الإسكانية؟. من جهة أخرى فالمواطن على وعي تام أن هناك قصورا كبيرا في مواجهة الفساد والمفسدين وتطاولهم على المال العام. والمواطن يقف على ما جرى من فرز طبقي صارخ في المجتمع فإما غنى فاحش وإما فقر مدقع، أما الطبقة المتوسطة فهي تتآكل وتقل متأرجحة بين الجهتين. والمواطن أيضا يلاحظ ويعي أن هناك من يقف ضد تطبيق ما يطرحه سمو ولي العهد من مشروعات وأن أطرافا تضع العصا في عجلة النمو الاقتصادي التي يقودها سموه محاولة عرقلة المسيرة، التي قد ترى فيها تعارضا مع مصالحها. وإزاء ذلك فالمواطن يعي أن الحزم في اتخاذ القرار هو الوسيلة المثلى لمقاومة المعرقلين.

أخيرا يدرك المواطن أن بإمكان الدولة أن تتدبر المال اللازم وتضخه كافيا باتجاه تحقيق حلول سريعة لمعاناته وتلبية آنية لاحتياجاته الأساسية، وعندها لن يحتاج سمو ولي العهد لتوجيه نداء لمواطنيه بل سيجدهم جميعا رهن إشارته في بناء وإنماء الوطن.

إقرأ أيضا لـ "فوزية مطر"

العدد 1688 - الجمعة 20 أبريل 2007م الموافق 02 ربيع الثاني 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً