العدد 1686 - الأربعاء 18 أبريل 2007م الموافق 30 ربيع الاول 1428هـ

السلام في الشرق الأوسط ... الآن أو قد لا يكون أبدا

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

هناك هؤلاء الذين يعتقدون من أعماق قلوبهم أن «إسرائيل» ببساطة تريد تعايشا سلميا مع جيرانها العرب. هناك آخرون يعتقدون أن «إسرائيل» تديرها الصهيونية بشكل كامل وأن مناوراتها الكلامية لإيجاد حل سلمي ليست أكثر من طرح كلامي فارغ.

ما هي الحقيقة هنا؟ قلة هم الذين يستطيعون إنكار أن الفلسطينيين عانوا من الاحتلال الإسرائيلي، بدءا من الآف الفلسطينيين الذين قتلوا خلال الاحتلال الإسرائيلي وعمليات الاجتياح والغارات الجوية وغيرها في منطقة غير محتلة أو كانت محتلة وتم إخلاؤها، إلى آلاف الفلسطينيين الذين فُرض عليهم العيش في فقر مدقع بسبب الحصار الحالي الذي فرضته «إسرائيل» منذ العام 2006. كما لا يستطيع أحد أن ينكر أن الدول العربية المجاورة قد تتحمل اللوم لمعاناة الفلسطينيين بشكل مماثل.

فلو أن عرب فلسطين قبلوا قرار التقسيم الصادر عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة العام 1947 بدلا من الذهاب إلى الحرب، لحصلوا على أراضٍ أكثر بكثير مما هم على استعداد لقبوله اليوم ولما كان هناك لاجئون فلسطينيون بالمرة. بالطبع، كان من الممكن أن تحاول «إسرائيل» الحصول على مزيد من الأرض عن طريق اللجوء إلى الهجوم، ولكنها لم تكن بالتأكيد لتحصل على أي دعم في حرب عدوانية، وبدونه كانت بالتأكيد ستمنى بالفشل الذريع. في أي من الحالين، كانت الأمور بالتأكيد ستكون أفضل بكثير بالنسبة للفلسطينيين اليوم. ولكن ما فات مات، وما نحن بحاجة إليه اليوم هو الحل.

آخر أمل للسلام هو إعادة إحياء المبادرة السعودية العام 2002. نادرا ما تتكلم جامعة الدول العربية بصوت واحد، إلا أنها اليوم تقدم لـ «إسرائيل» حزمة سلام هي الأكثر شمولية في التاريخ، والفرصة الفضلى للمستقبل. وبما أنها تُقدَّم اليوم كبرنامج للتفاوض وليس كفرصة أخيرة يمكن رفضها بسهولة، وإذا أخذنا بالاعتبار التأثير الشيعي الإيراني المتنامي في المنطقة، إضافة إلى الاهتمام العالمي المركّز على إنهاء أطول احتلال والأكثر وحشية، فإذا فشلت المبادرة السعودية بإحلال السلام، أجد من الصعوبة بمكان رؤية ماذا سيُحقق ذلك.

بادئ ذي بدء، الوحدة العربية النادرة الحدوث توفر فرصة لعرض العلاقات الطبيعية على «إسرائيل» مع دول الجامعة العربية كافة، وهو أمر لم يكن يعتبر ممكنا قبل العام 2002، وأطلق عليه تعبير «ثورة سياسية». كما أن المبادرة توفر تسوية محتملة لقضية اللاجئين.

لا تستطيع «إسرائيل» تقديم حق عودة كامل لأن ذلك يغير بشكل كبير تركيبتها السكانية ولن تظل الملاذ الأمن ليهود العالم. وعلى رغم أن المبادرة تذكر تطبيق قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 194، مطالبة بالسماح بعودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم في ما يعرف اليوم بـ»إسرائيل»، وإعطاء الذين لا يرغبون بالعودة تعويضا ماليا مناسبا، فهي تقترح كذلك بإيجاد «حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين». ربما أن المبادرة طرحت في السابق كفرصة أخيرة، خافت «إسرائيل»، التي لا تملك مساحة للتفاوض على حل عادل، من مجرد ذكر القرار 194. والآن وبما أن المبادرة تطرح كأساس للمفاوضات فمن المؤمل أن يتم إيجاد «حل عادل» بسرعة.

إذا كانت «إسرائيل» ترنو إلى تطبيع العلاقات مع جميع الدول العربية المحيطة والفلسطينيين المقيمين في الداخل فهذا هو العرض المثالي لها. والوقت هو الأفضل لها كذلك حيث أن «إسرائيل» بحاجة إلى الأصدقاء أكثر من أي وقت مضى حتى تستطيع الوقوف أمام إيران. كما أن العرب يسعون كذلك، كونهم من السُنّة، للتوحّد في وجه الهيمنة المحتملة على المنطقة من قبل إيران الشيعية. وبما أن عدو عدوي هو صديقي، قد لا يبدو تحالفا من أجل السلام مع «إسرائيل» فجأة أمرا غير مستساغ. لذلك يتوجب على المفاوضات، وقد يكون ذلك للمرة الأولى، أن تقف على أرضية ثابتة، يرغب جميع أطرافها بالتفاوض لإيجاد حل للنزاع. على رغم ذلك كله فإن المفاوضات ستكون صعبة.

تطالب المبادرة العربية بدولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها «إسرائيل» في حرب العام 1967، وهي مطالبة أخرى لا تستطيع «إسرائيل» الخضوع لها. فقد قامت «إسرائيل» بإنشاء مستوطنات وإنشاءات أخرى على الأرض قرب حدودها. ولضمان الأمن المستقبلي لجميع الإسرائيليين يتم الاتفاق بشكل واسع على ضرورة إجراء تبادل للأراضي، وإعادة أراضٍ تماثل تلك التي أخذت العام 1967. كما يطالب العرب أن تكون عاصمة الدولة الفلسطينية القدس الشرقية، التي طالما شكلت حجر عثرة في وجه «إسرائيل»، ولكن يؤمل وفي ضوء التصميم المتبادل على الوصول إلى اتفاق أن يكون في الإمكان تجاهل هذه المعوقات السابقة والتخلص منها من خلال المفاوضات. ومن قضايا التفاوض الجديدة التي يتوجب التعامل معها الجدار الأمني الذي تقوم «إسرائيل» ببنائه منذ العام 2002.

بناء على ذلك، إذا تم الوصول إلى اتفاق على المبادرة السعودية يتوجب على «إسرائيل» والدول العربية المجاورة التمتع بمزيد من الأمن والتعايش السلمي. تستطيع المفاوضات ضمان الوصول إلى اتفاق حول الجدار. وإذا لم يحدث ذلك اليوم فقد لا يحدث أبدا.

*بلوغر متقدم على موقع الواشنطن بوست «بوست غلوبال» ومدير بلوغ «صفحات الحرب».

والمقال ينشر بالتعاون مع خدمةCommon Ground الإخبارية

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1686 - الأربعاء 18 أبريل 2007م الموافق 30 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً