العدد 1684 - الإثنين 16 أبريل 2007م الموافق 28 ربيع الاول 1428هـ

بعد أربع سنوات... هل يتحد العراقيون؟

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

سنوات أربع أمضاها المحتلون في العراق، ومازال هؤلاء يتحدثون عن نيتهم في البقاء لسنوات أخرى حتى تنتهي مهمتهم التي قدموا من أجلها وتتحقق أهدافهم بحسب الخطة التي وضعوها.

أما ما هي هذه الأهداف، وكيف تتحقق ومتى ومن سيقوم بتحقيقها فهذه أمور لا يعرفها إلا السادة المحتلون ومن يقف وراءهم من العراقيين.

احتلال العراق علّمنا أن (السادة) الأميركان أصبحوا يمارسون الكذب الرخيص أكثر بكثير من (السادة) العرب، وأنهم كانوا ومازالوا يقتلون كل حقوق الإنسان التي ما فتئوا يتحدثون عنها وكأنهم حماتها الحقيقيون، أما الحرية وأهميتها للشعوب فهي أبعد شيء عن تفكيرهم، وحديثهم عنها نوع من الهراء ونوع من استغباء البعض الذي مازال يستعذب هذا النوع من الاستغباء.

واحتلال العراق علّمنا أيضا أن الكفر ملة واحدة، وأن استهداف الإسلام وأتباعه أصبح هدفا واضحا لدعاة الحروب الصليبية الجديدة التي يريد أصحابها ألا يبقى مسلم إلا بحسب المواصفات الأميركية.

ادعاء الأميركان أن في العراق أسلحة دمار شامل كان السبب الأول في احتلالهم العراق، أما السبب الثاني فهو علاقة صدام حسين بـ «القاعدة».

وعندما اكتشف العالم كله كذب الأميركان لم يخجل هؤلاء ولم يعتذروا عن أكاذيبهم المتلاحقة بل أصروا على أن ما قاموا به كان لابد أن يقع لأن صدام حسين كان دكتاتورا ومستبدا، فاحتلال العراق لهذا السبب - كما قالوا - كان مبررا من وجهة نظرهم!

وعندما صرح وزير خارجيتهم السابق كولن باول بأنه كان يكذب عندما اخترع تلك التمثيلية التافهة عن أسلحة الدمار الشامل التي كانت تتحرك في سيارات، ومعروف أن هذه الأكاذيب كان لابد أن يوافق عليها رئيسه لم يتحرك حماة حقوق الإنسان في أميركا ولا في أوروبا ليطالبوا بالتحقيق مع ذلك الوزير الكاذب الذي تسبب في مقتل عشرات الآلاف من الناس في العراق... والأسوأ من ذلك صمت حماة العروبة عن المطالبة نفسها!

وبعد أربع سنوات من الاحتلال البغيض، وبعد كل ما حصل في العراق، وبعد تهافت الأكاذيب الأميركية والبريطانية ماذا بقي للأميركان ليقولوه؟!

يتحدثون الآن عن تحقيق الحرية والديمقراطية وأن هذا هو هدفهم الحالي في العراق، ورئيسهم مازال يقول إن هذه الديمقراطية تسير بشكل طيب يحوز على إعجابه ويحوز كذلك على إعجاب رئيس وزراء العراق الذي عيّنه في هذا المنصب بطريقة ديمقراطية ممتازة!

ويحار العاقل في مثل هذا الحديث وهو يتلفت في كل مكان بحثا عن تلك الحرية التي يتمتع بها العراقيون، أين يجدها ومن يتحدث عنها؟!

عندما تخرج مظاهرة في النجف يسير فيها عشرات الآلاف يطالبون بخروج المحتل ويطالبون أيضا بمقاومته يأتي المتحدث باسم البيت الأبيض ليقول لنا بكل وقاحة: إن هذه المظاهرة دليل قوي على حجم الحرية التي يتمتع بها العراقيون في عهد الاحتلال الزاهر، هذه الحرية الرائعة لم تكن موجودة في عهد صدام حسين، وهي من حسنات الاحتلال!

أما المقاومة الرائعة طيلة سنوات الاحتلال والقتل اليومي في الأميركان وأعوانهم فهو لا يدل إلا على همجية بعض الأشخاص المنتمين للتيار التكفيري أو الصدامي، أما بقية العراقيين فهم يرفضون كل أشكال المقاومة وهم أيضا سعداء بالاحتلال!

لست أدري كيف تصل عقول هؤلاء إلى هذا المستوى من الانحطاط وكأنهم يرون أن الشعوب العربية لا تستطيع التمييز بين الحرية والعبودية ولا بين المقاومة والرضوخ للمحتل.

بطبيعة الحال ما يقوله الأميركان (السادة) يردده بعض العراقيين (العبيد) ولعل مصالح الفريقين هي التي وحدت بين أقوالهم!

الأميركان لهم مصالح في العراق، وأعوانهم لهم مصالح أيضا في العراق، وقد يُعذر هؤلاء وأولئك فيما يقولونه أو يفعلونه ولكن ما هو عذر العرب عن الصمت شبه المطلق عن فعل شيء من أجل إنقاذ العراق؟ والأكثر ما هو عذر العراقيين الأصلاء - وهم الغالبية - عن تفرقهم واختلافهم فيما بينهم وعدم توحدهم في محاربة العدو المشترك؟

الحرب المذهبية على أشدها في العراق، وللأسف فقد امتد أثرها إلى الخليج كله، بل لا أبالغ إذا قلت إن أثرها المدمر وصل إلى العالم الإسلامي كله، فما هي مصلحة العراقيين في هذا الاختلاف؟

لو تأمل هؤلاء المتحاربون حركة التاريخ كله لعرفوا أن الاختلاف بين الأمة الواحدة لا يستفيد منه إلا العدو، وهذا ما حققه المحتلون فعلا في العراق، وهذا الذي سيجعل إقامتهم تطول في العراق.

الدعوة إلى تفكيك العراق بدعوى الفيدرالية يرددها بعض العراقيين ويدّعون أن ديمقراطية الأميركان التي منحتها لهم تمنحهم هذا الحق في التقسيم، وتناسى هؤلاء الذين يبحثون عن مصالح آنية لهم خاصة وللجوقة التي تحيط بهم أن هذه الدعوة المشئومة لن تكون في صالحهم على المدى الطويل، وانها ستجعل العراقيين في حرب دائمة وانها أيضا ستجعل الجميع لقمة سائغة عند كل من يطمع في العراق.

من مصلحة العراقيين جميعا أن يتحدوا في مواجهة المحتل، ومن مصلحتهم قبل ذلك أن يتحدوا هم في توجهاتهم الرئيسية، وأن يبتعدوا عن الاختلاف والاقتتال، هذا إذا أرادوا أن يروا بلادهم حرة كريمة وفي أسرع وقت.

أما أكاذيب المحتل وأعوانه والتي مازالوا يرددونها فهي لا تنطلي على أحد وسيكون مصيرهم في النهاية إلى مزبلة التاريخ، والله غالب على أمره.

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1684 - الإثنين 16 أبريل 2007م الموافق 28 ربيع الاول 1428هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً