في كتاب صدر في العام 2007 للمفكر الإستراتيجي المعروف ومستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأسبق جيمي كارتر زبغنيو برجينسكي، يحمل عنوانا: فرصة ثانية: ثلاثة رؤساء وأزمة القوة العظمى الأميركية. يذهب فيه برجينسكي إلى أن هناك أطرافا تمسك بأذن العم سام، ومنها اللوبي الإسرائيلي الذي يشوه السياسة الخارجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط.
فيما يذهب الأستاذان بجامعة هارفارد، ستيفن والت وجون ميرشماير، إلى أن اللوبيات والمجموعات المؤيدة لـ»إسرائيل» لا تعمل وفقا لما تمليه المصالح الأميركية، بل من أجل مصالح الكيان الصهيوني. بل، وحتى صامويل هانتجتون، صاحب نظرية صراع الحضارات، يذهب إلى شيء قريب من ذلك فيما يخص هذه اللوبيات، إذ يشير إلى أن اللوبي الإسرائيلي مختلفا عن غيره من حيث انه يركز اهتمامه على قضية واحدة هي: بقاء «إسرائيل» وتعزيز المساعدات التي تحصل عليها من أميركا.
على رغم ما يذهب إليه هؤلاء الساسة والمفكرون وغيرهم، من خطورة هذه اللوبيات الصهيونية على أميركا نفسها، وعلى رغم إرسالهم تحذيرات بشأن تزايد نفوذ هذه اللوبيات الصهيونية؛ فإن الخارجية البحرينية لها رأي آخر خلاف ما يراه الساسة والمفكرون الأميركيون. إذ يرى وزير الخارجية البحريني بأنه: ليس للسفراء العرب في واشنطن إلا التعاون مع اللوبيات الصهيونية. وذلك في إشارة استباقية، لما يمكن أن تثيره زيارات السفير البحريني في واشنطن للوبيات الصهيونية هناك.
فسفيرنا في واشنطن، السيد ناصر البلوشي، دائم التردد على تلك اللوبيات يخطب ودها بشكل مستمر. وكان آخر تلك الزيارات، حضوره للحفل الذي أقامته اللجنة اليهودية الأميركية بعيد الفصح أوائل هذا الشهر والذي جرى في فندق «ماديسون» في العاصمة الأميركية. وبحسب ما أشار إليه موقع آفاق على الانترنت، فإن السفير أدلى بتصريح أثناء الاحتفال لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية نشر في 2 أبريل/ نيسان الجاري، قال فيه: إنه يأمل بأن تتمكن البحرين قريبا من فتح الحدود وتبادل التجارة مع «إسرائيل». ويضيف «أن اليهود كانوا ذات يوم منتشرين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ويجب أن يعود ذلك العهد مرة أخرى». وفي مارس/ آذار الماضي قام وفد من اللجنة اليهودية الأميركية بزيارة إلى البحرين، وتم استقباله بممثلين على مستوى عال في الحكومة بقصر القضيبية في المنامة.
وفي شهر مارس/آذار الماضي أشارت المجلة الاقتصادية (MEED) إلى أن صادرات «إسرائيل» إلى البحرين بلغت (259) مئتين وتسع وخمسين ألف دولار في العام 2005.
يجري كل ذلك، والنواب، من دون ذكر أسماء، لا حراك بهم ولا أمتا. وللهروب من دائرة الإفلاس السياسي الذي رمتهم به الجماهير، شغلوا بالنا بتصرفات «طالبانية» بعيدة وغريبة على أهل البحرين طيلة تاريخهم الاجتماعي وتعايشهم السلمي، وصالوا وجالوا في تتبع رقصة وردت في مسرحية، لم يطلع عليها إلا عدد قليل من الناس، ولكن بفضل النواب، أيضا من دون ذكر أسماء، تم وضع قصة الرقصات على أولوليات النواب وكأنها قضية أمن قومي!
ولعل الخطوة من جانب السفير استفزاز إضافي، لما درجت عليه الخارجية البحرينية من تحد سافر لمشاعر أهل البحرين بشأن العلاقات مع الكيان الصهيوني. تصريح سفيرنا في واشنطن ومن ثم تصريح وزير خارجيتنا، هما بلاغ لأهل البحرين، وكلامهما تمهيد لإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني ورفرفة العلم الصهيوني في المنامة أو إحدى ضواحيها! أما سعادة النائب «حبيب القدس وأسد فلسطين» فهو غاط في سبات عميق، والنواب الذين يزأرون لفلسطين ويدبجون الأناشيد في حبها، من دون ذكر أسماء، لاهون ولاهثون حول اللكزس والبي أم دبليو والمرسيدس وبقية العطايا والشيكات، أو متابعة رقصة هنا و»دبكة» هناك!
«عطني إذنك»...
في الريف الفلسطيني يشير الأهالي إلى كلمة التطبيع حينما يتعلق الأمر بتعسيف صغار الحمير (الجحوش)، أي تطويعها للركوب ونقل الأحمال... وهي، أي كلمة التطبيع، قد تنطبق على العرب في تهيئتهم لامتطاء الفارس الإسرائيلي لظهورنا؛ إن لم يكن قد امتطى فعلا ظهورنا! وأرحمونا من هذه الأحمال وقولوها: أحنا طبعنا و»شبكنا الصهاينة وبئينا حبابيب»!
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1683 - الأحد 15 أبريل 2007م الموافق 27 ربيع الاول 1428هـ