ومنذ انطلاق فكرة المنتدى من طهران في العام 2001، والبلدان الغربية لا تكف عن محاولاتها لإجهاض مجرد فكرة إنشاء مؤسّسة دولية لكبرى البلدان المنتجة والمصدّرة للغاز الطبيعي على نمط منظّمة الأوبك المعروفة التي تضمّ عددا من كبار مصدّري النفط. ويرى بعض الخبراء أن مخاوف الغرب من احتمال ظهور كونسورتيوم غازي أمر مبالغ فيها لأن الدول التي تؤيّد هذا المشروع لا تنوي إملاء شروطها على الآخرين في ما يخصّ تحديد الأسعار في السوق العالمية وإنما تسعى في الحقيقة الى تفعيل نشاطها المرتبط بمتابعة التطورات والنزاعات في السوق. وحتى لو اتفقت الدول الغازية الكبرى على احتكار سياسة تحديد أسعار الوقود في العالم فإن تلك المحاولات ستبوء بالفشل. ذلك أن هناك ترابطا وثيقا جدا بين مصدري الغاز الطبيعي ومستهلكيه في السوق العالمية بسبب وجود خطوط أنابيب الغاز، إذ إن تجميد تصديره أو توجيهه الى منطقة أخرى يشكل عملية مديدة ومكلّفة جدا خلافا لتصدير النفط. هكذا يبدو مشروع إنشاء تحالف الدول المنتجة والمصدرة للغاز خطوة معقولة متبصّرة جدا. لكن قبل تناول موضوع العلاقة التي يمكن أن تسود بين المنتجين والمستهلكين أو حتى في نطاق أعضاء كل من الفريقين على حدة، لابد من رسم معالم سوق أو بالأحرى أسواق الغاز الطبيعي سواء القائمة منها أو تلك التي في طور التكون. وفي هذا الخصوص تقول سارا بنازاك وهي محللة كبيرة في مؤسسة «بي اف سي انيرجي» الأميركية: «إنه يمكن للغاز الطبيعي أن يؤدي دورا رئيسيا في مجال تأمين الطاقة خلال العقود المقبلة، غير أن تطوير صناعة الغاز الطبيعي واجهت معوقات من بينها نفقات الاستثمار وقضايا السوق المتعلقة بتحويل الغاز إلى صورة سائلة ونقله مسافات طويلة إلى أسواق الاستهلاك... وان اتباع السياسات التي تشجع على وجود قوانين منظمة مستقرة شفافة، ووضع مواصفات قياسية لمحتويات الطاقة والبنية الأساسية لشحن الغاز، وإدراك وفهم قضايا الأمن والسلامة لتوسيع نطاق الصناعة في المستقبل».
وتبين بنازاك الاختلاف الكبير بين صناعتي الغاز الطبيعي والنفط، «إذ يطور المنتجون المصادر من دون التعاقد مع المشترين، ثم يبيعون المنتجات في سوق النفط العالمية ذات الحجم الكبير والتعامل الكثيف. (أما) بالنسبة الى الغاز الطبيعي المُسيّل، ليس بوسع المستهلك ولا المنتج أن يعتمد على شراء أو بيع كميات كبيرة من دون تأمين عقود طويلة الأمد، إذ إن 8 في المئة فقط من الغاز الطبيعي المُسيّل يجري التعامل به، وذلك على أساس شروط البيع القصير الأجل وشروط البيع الفوري في الأسواق العالمية». ومن جانب آخر تتوقع جهان المصري - وفقا لمقال نشرته لها صحيفة «الشرق الأوسط» اللندنية - أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز الطبيعي خلال الفترة من العام 2004 إلى 2030 من 2.8 مليار متر مكعب إلى 4.7 مليارات متر مكعب، وهذا يعادل نموا بنسبة 2 في المئة سنويا، وهو معدل أعلى من معدل الطلب على مصادر الطاقة الأخرى مثل النفط أو الفحم أو حتى الطاقة النووية. وتؤكد أن الغاز الطبيعي سيكون مستقبلا هو الحصان الرابح، بفضل رخص ثمنه وقلة تلويثه للبيئة.
ووفقا لهيئة معلومات الطاقة الأميركية يستهلك القطاع الصناعي 44 في المئة من إجمالي حجم استهلاك الغاز الطبيعي على المستوى العالمي. ومن المتوقع أن يزداد هذا المعدل بنسبة 8.2 في المئة حتى العام 2030. في حين يستهلك قطاع الكهرباء 31 في المئة ومن المتوقع أن يزداد هذا المعدل بنسبة 9.2 في المئة خلال الفترة نفسها. من جانبها، تعتقد وكالة أنباء رويترز، أن إنشاء منظمة خاصة بالغاز يصعب تحقيقه في الأمد القصير؛ لأن سوق الغاز التي تحتاج الى الكثير من الاستثمارات، تقوم على عقود طويلة الأمد. ويجري التداول بالنفط في أسواق مالية مثل سوقي لندن ونيويورك مع عقود لا تتجاوز مدتها سوى بضعة أشهر على أبعد تقدير، الأمر الذي يحمل على تنويع الإنتاج وعلى التأثير على الأسعار.
لكن إذا ما تم التداول بالغاز الطبيعي في أسواق مالية، فإن ذلك لا يتعلق إلا بقسم صغير من السوق، إذ تتم غالبية المشتريات عبر عقود بالتراضي تقاس عموما بأسعار النفط وتصل مدتها الى 15 عاما أو 20 عاما وأحيانا أكثر من ذلك.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1679 - الأربعاء 11 أبريل 2007م الموافق 23 ربيع الاول 1428هـ