ما الذي يدعو الكاتب إلى أن يكتب، وتحديدا في مجال الأدب؟
إن سؤالا كهذا، على رغم بساطته الظاهرة، إنما يكنز خلاصة ما، تستطيع عبر قراءتها أن تقرأ الكاتب ذاته.
ولأن الكتابة الإبداعية الفنية لا تتعدى لحظة الانشغال الحميم بتشكيلها ذاك الكادر بالغ الخصوصية بكاتبها، فإني أزعم أنها مسلك فردي خالص، أي أنها تنحصر في حدود الكاتب الفرد، بكل ما تحتويه هذه الحدود من عناصر مختلفة.
إذا، نحن الآن عند كلامنا عن الكتابة إنما نحاول فهم مسلك يقوم به فرد كواحد من جملة مسلكياته الأخرى: مسلك غير منفصل إطلاقا عن تركيبته العامة بكل مواضعاتها المرئية للغير، وتلك المتوارية وراء النص تطلب منا قراءتها.
وهكذا، وإذا ما أخذنا الكتابة على أنها شكل أو مسلك فردي للتعبير، فإننا سنخلص إلى خصوصيتها النابعة من خصوصية كاتبها. أي: هي واحدة من تجليات شخصيته المعبرة عنه أكثر مما هي معبرة عن سواه مما يقع في خارجه.
يقع في بعض وهم الكتاب أن نصوصهم المفسرة من قبل السائد من النقد المشغول بتأويل الخاص لينوب متحدثا عن العام، بأنهم إنما يكتبون حقا هكذا ويتورطون من ثم في هذه اللعبة. ويتورطون ليجاروا سياق المطلوب الساخن من القضايا الملحة، فيبدون محافظين على قناعتهم بانخراطهم فيها وعدم تخليهم عن دورهم حيالها، فيحيلون كلامهم الخاص (الكتابة الإبداعية) إلى موضوع من موضوعات الأحاديث العامة، ومنها الانهماك في تبادل التخاطر بشأن الأزمات والقضايا الكبرى.
إقرأ أيضا لـ "جاسم اليوسف"العدد 1678 - الثلثاء 10 أبريل 2007م الموافق 22 ربيع الاول 1428هـ