في زيارتي للكويت، وكعادة أهل البحرين في السفرات القصيرة العائلية لدول الخليج الشقيقة، فإن للنسوان دورا كبيرا في التأثير على برنامج الزيارة. وإن أهم ما يشغل بال النسوان الأسواق والمجمعات... فمن سوق المباركية إلى السالمية (سيتي سنتر)، والبعض وصل إلى الفروانية، وسوق شرق، ومحلات «المحاميد» بمختلف فروعها، وبعضهم كاد أن يصل إلى سوق الجمعة (سوق الفرشات)...إلخ من أسواق ومجمعات ومحلات تجارية.
في مثل تلك السفرات العائلية يكون للرجال نصيب كبير من الشقاء والحسرة والنرفزة! بعضهم يقول لا، والبعض الآخر لا يحرك بها لسانه، حاملا (هذا الصنف الأخير) لأكياس المشتريات والملابس التي نصيبه منها قليل!
«الموضات» تصل إلى الكويت بعد لبنان، والكويتيون يبدعون في التجارة أيما إبداع، ونحن نشقى في التسوق أيما شقاء! الأسواق كثيرة ومستوياتها متعددة وبالتالي يتعدد ويختلف مرتادوها! إذ قد تجد الفقراء والبخلاء يفضلون التسوق في الأسواق ذات البضاعة الرخيصة كمحلات كل شيء بخمسة دنانير أو ثلاثة دنانير وبعضهم يذهب إلى كل شيء بدينار!
في حين تجد بعض الميسورين أو «المتفخخين» يفضلون التسوق في سوق شرق أو المجمعات والمحلات التي تحمل الماركات العالمية الراقية. أما الأسواق ذات المستويات المتدنية والأسعار الرخيصة فتجد غالبية مرتاديها من رعايا الدول الآسيوية والعربية الفقيرة. أما الأسواق ذات الأسعار المتوسطة فإن من يتردد عليها غالبيتهم من رعايا الدول العربية المتوسطة الدخل ومعهم غالبية البحرينيين. إلا أنك قطعا لن ترى الكويتي يرتاد تلك الأسواق نظرا للدخل المرتفع والأمزجة المرفهة.
الشيء الجدير بالملاحظة في مثل تلك السفرات، هو حال الرجل البحريني؛ فهو صبور على أسرته. فمسألة مرافقة النسوان من سوق إلى سوق ومن دكان إلى عشرة، والرجل «يباري» ويتحمل بالعيال فهذا أمر شاق وصعب للغاية. أجد نفسي لا أطيقه ولا اعتقد بأن امرأة -أيا كانت تلك المرأة- ستضطرني في ذات يوم الاصطبار عليه. و»الكلام لك يا جارة»! إذ ان في ذلك مشقة لا يحتملها إلا قليل من الرجال، وقليل منهم الصبور!
هذا الصنف الصبور من الرجال، هو حمال أسية. فالأسية كل الأسية أنك تحمل متاعا، لا كيل لك فيه ولا خله! وأنا هنا لا أدعو أحدا على التمرد الاسري، ولكني أدعو النسوان -جميعا- إلى النظر بعين العطف والاعتبار إلى حالات الإصابة بالنرفزة والمشاحنات البيتية التي يجلبها مثل هذا التسوق.
وقد حمدت الله كثيرا أنني هربت من تلك المعاناة «التسوقية» التي لا تنتهي من النسوان. إذ قمت بزيارة للمركز العلمي بمعية «العيال»، واطلعنا على هذا الصرح الجدير بحكومة البحرين مسايرة مثل تلك المشروعات العلمية التثقيفية.
ما لفت نظري في زيارتي المركز العلمي هو وجود الشباب الكويتي العامل بجد واجتهاد شارحا للزوار ما يعج به المركز من حيوانات وطيور وأسماك. وأخص بالذكر تلك الشابة الكويتية التي زودتنا بمعلومات قيمة عن أنواع أسماك القرش (اليريوير)، والمفترس منها والأليف والجبان. الغريب في أمر السيد قرش أنه ليس مفترسا ألبتة، فقط نوعية واحدة هي تلك المسماة بـ»الذيبة» هي المفترسة، وتهاجم الصيادين وقواربهم حتى إن كانوا مسالمين. وتساءلت في تلك اللحظة: ماذا بشأن «يرايير» اليابسة؟! هذه القروش التي تستولي على كل شيء! على الأراضي «المنهوبة والموهوبة»، ويستبيحون دماء البشر ويتجسسون على فلان، ويهددون فلانا بالقتل! هذه هي قروش و«يرايير» الأنس.
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1674 - الجمعة 06 أبريل 2007م الموافق 18 ربيع الاول 1428هـ